Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

فلسفة اللون عند المرزوقي!

A A
صعب جدًا أن تخوض في مجال لا ترتاده إلا لِمَامَا، ومعرفتك به عابرة أو سطحية، مهما قرأتَ عنه وبحثت، إلا أن مَن يُمارسه ليس كمَن يُطالعه، هناك فرق بين السماء والأرض، لكن الكاتب يجد قلمه يقوده إلى حيث ما ترك أثراً في نفسه، أو قلبه، وعقله، يجري به إلى سكة المعرفة بالشأن الذي قاده إليه. هي هذه الأمور التي يخوضها الكاتب دون معرفة سابقة تمنحه صفة المثقف، الذي يأخذ من كل علمٍ بطرف.

رغم سحري بالألوان؛ وحبِّي للفن التشكيلي، وقدرة عيني على رؤية الجمال فيه، إلا أني لم أمارسه، رغم أني حاولت التقديم إلى أكاديمية فنون في القاهرة إلا أني خفت من الفشل، فانسحبت قبل أن أبدأ، ربما لذلك مُقلَّة في حضور المعارض الفنية.

عندما دعتني صديقتي عيناء الفضلي زوجة الفنان الدكتور سامي المرزوقي إلى معرضه الفردي، 23 يناير إلى 5 مارس، ظننتُ أني أستطيع الجمع بين زيارة بينالي الفنون الإسلامية، وتلبية الدعوة لحضور افتتاح معرض المرزوقي، كنوعٍ من المجاملة. لم أكن أعلم أن الوقت عامل مهم في الوصول إلى أتيليه حافظ في الروضة، حيث يغلق عند الثامنة، لكني وصلت قبل الثامنة، وتمكنتُ من رؤية الجمهور الكبير والمتنوع من الحضور الذي ملأ المدخل والقاعات، حتى أن كثيراً من الفنانين المشاركين في بينالي الفنون الإسلامية كانوا من بين الحضور.

عندما تجولتُ مأخوذة بالجمال، جمال الألوان والأشكال التي ملأت المكان، اكتشفتُ أنه كان عليً أن أُخصِّص كامل الوقت لأتمكَّن من التمعن أكثر في قراءة اللوحات التي بلغت «150» عملاً، تم إنجازها بين 1986- 2022م، وتكشف حساسيته العالية، ومهارته في الرسم، وقدرته على خلق تجريدات لما يحيط به. أعترف أني وجدت لديَّ القدرة على قراءة بعض اللوحات، تناسقت الألوان وتمازجت كل لوحة تظهر فيها قدرات الفنان وفلسفته، أو كما عنون معرضه: «ما يكمن تحت اللون»، نتيجة الصبر والتأني والتمكن والإبداع. عكف الفنان المرزوقي على الرسم عقوداً من الزمن ليحتفي بفنه؛ فالفن مصدر إلهام للمرزوقي، إلا أنه اتخذه هواية بجانب عمله في طب الأشعة.

الفن التجريدي: «فن يعتمد في الأداء على أشكال ونماذج مجردة؛ تنأى عن مشابهة المشخصات والمرئيات في صورتها الطبيعية والواقعية، ويتميز بمقدرة الفنان على رسم الشكل الذي يتخيَّله سواء من الواقع أو الخيال في شكلٍ جديد تماماً؛ قد يتشابه أو لا يتشابه مع الشكل الأصلي للرسم النهائي». من روَّاد هذا الفن الفنان العالمي بيكاسو.

التجريدية: «هي تجريد كل ما هو محيط بنا عن واقعه، وإعادة صياغته برؤية فنية جديدة يتجلى فيها حس الفنان باللون والحركة والخيال».

ربما لذلك أقف أحياناً أمام اللوحات الفنية عاجزة عن قراءتها، خصوصاً إذا كانت الفكرة مشوَّشة في ذهن الفنان أو خياله. أو أن الفنان لا زال مبتدئاً وغير صبور لإنضاج موهبته واكتمال تجربته، أو أنه يظن أن تحريك الفرشاة ومزج الألوان هو الفن.

تجد معارض فنية، فردية وجماعية، لشبابٍ لا زال بحاجة إلى المزيد من التمكُّن. المشكلة تكمن في المبالغة بأسعار اللوحات، لذلك تُقام معظم المعارض الفنية على شرف رجال الأعمال والوجهاء، بينما هي بحاجة إلى رؤية نقدية لتصحيح المسار، وبحاجةٍ إلى الصبر والتأنِّي، حتى تتكوَّن فلسفة خاصة بالفنان تطبع أعماله وتميزها.

(اللوحات المعروضة للمرزوقي؛ تكشف عن الإمكانات التحويلية للون والخط من خلال لغة بصرية مُعبِّرة تقع على الحد الفاصل بين الرمزية والتجريد).

(أبدع المرزوقي في جميع التصنيفات، إلا أنه ظل وفيًّا لمساره الإبداعي، تأخذ أعماله مشاهدها في رحلة يستكشف فيها مشاعر اللون).

العبارتان الأخيرتان بين الأقواس من النصوص المكتوبة بجوار اللوحات في مدخل القاعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store