Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الأوطان في مجرى التاريخ

A A
على مدى التاريخ الإنساني، تشكلت مدن، وتكونت أوطان، استقرت أو تزعزعت لكن يبقى الإنسان صانع التاريخ والحضارة. كذلك لا يستطيع المرء منَّا أن يُثبت أنه مُتجذِّر في النسب دون اختلاط الأعراق والأنساب، سواء من خلال الهجرة التي كانت طقساً ضرورياً للبحث عن لقمة عيش تغني من جوع، وحياة أفضل أو لأسبابٍ أخرى.

ولا أحد يستطيع أن يدَّعي أن موطنه هو الموطن الأصلي للحضارة، لأن الحضارة تختلف معنى ومبنى باختلاف العصور والأزمنة، بعض الأوطان ساهمت طبيعتها الجغرافية والمناخية على حفظ موروثها الحضاري من الاندثار، والبعض الآخر لم تبق أرضها ولا تذر.

في كتابه، نهضة الجزيرة العربية، يقول د. جورج خيرالله: «إن الحضارة الأولى أوجدها العرب، مثل حضارة سومر الأكادية، وحضارة العموريين البابلية، وحضارة الآشوريين، وحضارة الكلدانيين البابلية».

مَن أنشأ هذه الحضارات؟، هنا يأتي الجواب صادماً لمَن لم يقرأ التاريخ، ولم يأخذ من الحضارة غير قشورها، ومن الثقافة فتاتها.. يقول الكاتب: «جميع هذه الحضارات أنشأها عرب رُحَّل استقرّوا بالقرب من موارد الماء. وهذا يصدق كذلك على الكنعانيين والفينيقيين الذين جاءوا أصلاً من الأحساء والبحرين»، من خلال الآثار -كما يقول- نعرف أن شعوب الجزيرة العربية... كانوا مبعث حضارات عريقة.

دون الدخول في سرد تاريخي للحضارات المختلفة، تظل حضارة الجزيرة العربية هي الأعظم، لأنه قام عليها منهاج الحياة والحضارة الديني الاجتماعي الذي غدا اليوم هاديا لنحو خمس سكان الأرض، أي الإسلام الذي انطلق من أرض الجزيرة العربية من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى مشارق الأرض ومغاربها.

فإذا كانت الحجاز قبلة المسلمين، فقد كانت نجد رمز الذكريات العزيزة، ذكريات الشعراء والفرسان والمعارك وقصص الهوى، ومعان الكرم والأمانة، الشجاعة والبذل والعطاء الذي لازال منهجا سارت ولا تزال عليه أسرة آل سعود حفظهم الله.

تعاقبت الحكومات على جميع الأوطان العربية، كذلك وقع معظمها تحت نير الاحتلال الغربي مُدداً زمنية مُتفاوتة أحدثت تغييراً في البنية الثقافية والحضارية والاجتماعية، إلا هذه الأرض «المملكة العربية السعودية» حفظها الله من المحتل المختلف ثقافيا ودينيا وحضاريا، لذلك ظلت طاهرة نقية، حتى هيأ الله لها من ينتشلها من الفقر والفاقة والفوضى، عندما بدأ حكم آل سعود منذ الدولة السعودية الأولى.

قال ابن خلدون المفكر العربي والفيلسوف: «إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصيغة دينية»، هكذا شيد أمراء آل سعود وملوكهم مجدهم ونهضتهم على أساس من الدين، كان من يتسلم زمام الحكم يجمع بين لقبي الإمام والأمير، وهو الذي يؤم المصلين، ويدعو إلى الجهاد، ويتولى أمور المؤمنين.

وفي مدة إمامة محمد بن سعود؛ استقر السلام والأمن في الأراضي التي دانت له. توفي عام 1179هـ- 1765م، وخلفه ابنه عبدالعزيز، حيث دام حكمه 38 عاماً، حتى تم اغتياله عام 1218هـ.

ثم حكم ابنه سعود بن عبدالعزيز «سعود الكبير»، كانت الدولة السعودية في عهده تشمل الحجاز والصحراء السورية، وهو الأقرب شبهاً للملك عبدالعزيز، من حيث الكرم، والشجاعة، والحذق في وضع الخطط الإستراتيجية للحروب.

كلما عادت أسرة آل سعود، تكون أكثر قوة وعزماً على إرساء الأمن والرخاء في دولتهم، حتى قيض الله لهذه الأرض المباركة عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي مؤسس الدولة السعودية الثالثة التي نتفيأ ظلها، وننعم بالرخاء والرفاء الذي أصبح مصدراً لحسد الحاسدين، رغم ما أنعم الله عليهم من نعم الطبيعة، كالأنهار وخصوبة الأرض والخيرات الكثيرة، التي لم تحظ بها الجزيرة العربية، فعانت قرون طويلة حتى أنعم الله عليها بالخيرات، في عهد آل سعود.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store