قانون الارتداد !!

دائماً ما نبحث عن السعادة، وبالتالي نبحث عمَّا يُحقِّق لنا هذه السعادة، ونظرية الاختيار التي قدَّمها في عام 1996م وليام جلاسر في كتابه نظرية الاختيار لإدارة السلوك، ركَّز فيها على ثلاث نقاط رئيسية للمناقشة، وهي أنَّ البشر جميعهم يمتلكون سلوكًا، وأنَّ سلوكيات البشر تكون مُختارة، وأنَّ الإنسان لديه الفطرة والدافعية لتلبية الاحتياجات الأساسية الخمس وهي: الحب والانتماء، والبقاء، والقوة، والحرية، والمرح، وأثبت بأن قانون الارتداد يعتمد على السلوك الإنساني بما يُقدِّمه في حياته.

وبما أن السعادة هي من اختيارات الإنسان، كان لابد أن نُحقِّق المال والبنون لتكتمل زينة الحياة الدنيا، حيث قال الله تعالى في سورة الكهف: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)، ولعل المال هو أحد مصادر السعادة، فكيف يمكننا الحصول عليه، من خلال سلوكنا في حياتنا، وخصوصاً من خلال تعاليم ديننا وايماننا بالله عز وجل، ووعده لنا من خلال تطبيق قانون الارتداد فيما يخص المال والصحة وسعة الرزق والسعادة، ويمكننا أن نُحقِّق ذلك، إذا أيقنَّا بأن قول الله حق، وحسن الظن به هو المسار الحقيقي الذي يجب اتباعه.

المال والصحة وسعة الرزق والسعادة، كيف أجذبهم؟، وكيف نجعلهم يرتدّوا علينا؟.

قانون الارتداد هو وعد ربَّاني لنا، يقول تعالى في سورة المعارج: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارً، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)، فتطبيق الاستغفار يمدّنا بالأموال والبنين، قال صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، فعمل الخير وصُنع المعروف يجذب الخير بكل أنواعه، يقول الله تعالى في سورة التوبة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما نقصَ مالٌ من صدقةٍ)، فالصدقة خَفِيًّا تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ.

ومن أصعب قوانين الارتداد على البشر -تطبيقاً وتهاوناً من معظم الناس- هو صلة الرحم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأَ له في أثره، فَليصل رحمه)، فصلة الرحم هي مكسب لمن يؤديها، فهي تبسط الرزق وتطيل العمر، ولكن هيهات لمن يتحمل ثقلها، ولله دره.

وآخر القوانين هو قانون الدعاء، وأنواع الدعاء المستجاب بإذن الله، دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، ودعوة المظلوم، ودعوة الوالد لولده أو على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة الصائم عند فطره، ودعوة الإمام العادل، ودعوة الولد الصالح، ودعوة المضطر، ودعوة الولد البار بوالديه، ودعوة الحاج والمعتمر، والغازي في سبيل الله، ودعوة الذاكر الله كثيراً، ودعوة من أحبّه الله ورضي عنه.

بعد أن عرفنا قانون الارتداد، هل يصعب علينا تطبيقه، أو القيام بتغيير سلوكنا نحوه؟، أعتقد بأن معظمنا يقوم بكل أو ببعض من هذه القوانين، حتى ولو بشكلٍ نسبي، الأمر متروك لكل منَّا يُحدِّد مبتغاه في مسيرة حياته. (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) سورة القيامة.