Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

العرفج.. ولواعج الماضي!

A A
كثيراً ما يثير في النفس الكاتب القدير الدكتور أحمد العرفج لواعج الماضي وذكرياته الأدبية، من خلال ما يكتبه في عموده المقروء (الحبر الأصفر) بهذه الجريدة، ففي كلمته الموسومة: (بين جُدة وجازان) المنشورة بالعدد (21700) من هذه الجريدة، يُذكّرنا بكتاب (التحقيقات المُعَدَّة بحتمية ضَم جِيم جُدَّة)، للباحث الرائد والمُحقِّق الماجد، الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري، صاحب ورئيس تحرير مجلة المنهل -رحمه الله- وما دار حول هذه المناقشة اللغوية من أخذٍ ورد، خلصت في النهاية بين الباحثين القديرين الراحلين الأستاذين حمد الجاسر وعبدالقدوس الأنصاري -رحمهما الله- إلى (ضم جيم جُدّة)، وفق المصادر العديدة المؤيدة والمثبتة لذلك.

لقد أمتعنا الكاتب العرفج كعادته عندما يربط الماضي بالحاضر بما دار في هذه القضية الجميلة في معناها ومبناها، من عراكٍ لغوي محمود، وخاصة أنها بين باحثين رائدين مشهود لهما بالريادة البحثية، (لغة وتاريخاً)، والتي اتسم مسارها البحثي بالعقلانية، تناولاً وبحثاً، بعيداً عن التشنج والتطرف والذاتية، كما يجري في بعض الخصومات الأدبية، التي تفضي إلى المهاترات والخروج عن المألوف في أصول النقد ومناهجه المرعية.

لقد كنتُ واحداً من الأدباء الذين عاصروا حلقات هذه المناقشة حتى صدورها في كتاب يمثل نتيجتها، كمعتمد أدبي لمجلة المنهل بالطائف، وأحد كُتَّابها، وكنتُ أُتابع حلقاتها -كغيري- للاستمتاع بما يدور فيها من نقاشاتٍ لغوية وبحثية، خاصة وأنها تجري آنذاك بين عالمين من علماء الأدب واللغة والتاريخ -رحمهما الله- ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى العالم العربي.

وعادت بي الذاكرة لعهد صحافة الأفراد والمعارك الأدبية التي دارت على صفحات مجلة الرائد لصاحبها ورئيس تحريرها الكاتب الأديب الأستاذ عبدالفتاح أبومدين -رحمه الله- بين العديد من الأدباء، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار، والشيخ أبوتراب الظاهري، والخطاط أحمد الذهب، وعلي دمر، وغيرهم من جهابذة اللغة العربية وروادها، يرحمهم الله، وقد أوجدت تلك المناقشات حراكاً أدبياً غير مسبوق في الساحة الأدبية آنذاك، وللمعرفة التي جمعت بيني وبين أبي مدين، رحمه الله، ككاتب في مجلتهِ «الرائد» خلال صدورها حتى توقفت، وتوطدت المعرفة أكثر بعد قيام الأندية الأدبية عام 1395هـ، واستمرار التواصل بيننا، فقد عرضتُ عليه في آخر لقاء به قبل وفاته، وذكَّرته بتلك المعارك وأهميتها البحثية، وضرورة جمعها وإصدارها في كتاب يكون في متناول الباحثين والدارسين على حدٍ سواء، لقيمتها اللغوية من جهة، ولأنها تُمثِّل نقلة نوعية في تلك المرحلة من جهةٍ ثانية، فوعدني خيراً، ولكن يبدو أن القدر أدركه قبل أن يُحقِّق كثيرا ًمن آماله وطموحاته الأدبية، رحمه الله رحمة واسعة، فقد خدم الأدب السعودي، وأسهم في نهضته إسهاماً فاعلاً، وكان موجِّهاً للشباب قبل أن يكون مشجِّعاً من خلال مجلة الرائد، ورئاسته لنادي جدة الأدبي.

* خاتمة:

استطاع الكاتب القدير والباحث الحصيف، وصاحب اللقاءات التلفزيونية الجاذبة الدكتور أحمد العرفج، بثقافته الواسعة وأدبه الجم، وقراءاته التراثية المميزة أن يستميل مشاعرنا للتفاعل إيجاباً مع تناولاته وطروحاته الهادفة، التي يمتعنا بها من حين لآخر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store