Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

الأفَّاك الأثيم..!!

سديم

A A
غشيم ذلك الأفَّاك الأثيم، وقد جمع ما بين المكيدة والإِفك والبُهتان، مع غباء مُستحكَم، حينما يحاول أحدهم الإساءة إلى الآخرين، ظنًّاً أنَّ محاولة الإساءة ستنال من تميُّز الغير.. فالشكاوى «الكيديَّة» التي يحاول البعض إرسالها تحت ذرائع واهية، تسقط تمامًا في ظلِّ الوعي المجتمعي، والانفتاح المعرفي؛ فضلًا عن الوعي «الإداري».

أنْ يكتب أحدهم عريضة طويلة يستخدم فيها كافَّة الأساليب والحيل المصحوبة بالكذب المبين؛ للنَّيلِ من الآخرين؛ لهي آية من آيات الجُبن، والخِسَّة، والدناءة، والنذالة.

وأنَّ الدسائس، والمؤامرات، كثيرًا ما ترتدُّ على أصحابها، وترمي بشررها على مَن يرسلها، ويعتصم بها «وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ واللهُ خَيرُ المَاكِرِينَ»، «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ».

يقول ديل كارنيجي: «كثير من الناس يجدون تشفيًّا في اتِّهام شخص يفوقهم ثقافة أو مكانة أو نجاحًا، مثال ذلك أنني تسلَّمتُ رسالة من سيدة تصبُّ فيها جامَّ نقمتها على (جنرال وليم بوث) مؤسس (جيش الإخلاص)، وكنتُ قبل ذلك قد أذعتُ حديثًا في الراديو أمتدحُ فيه الرجل، وأُثنى على جهوده، وقد كتبتْ إليَّ هذه السيدة تقول: إنَّ الجنرال بوث اختلس ثمانية ملايين دولار من المساعدات التي جمعها للفقراء والمساكين، والحقُّ أنَّ التهمة سخيفة، وهذه المرأة ما كانت تستهدف الواقع، وإنَّما كانت تبغي النَّيل من رجل عظيم، رجل أرفع منها بمراحل، وقد ألقيتُ برسالتها في سلَّة المهملات، وحمدتُ الله على أني لستُ زوجًا لهذه المرأة».

ويضيف كارنيجي بالقول: «إنَّ الرسالة لم تزدني علمًا بالجنرال (بوث) كما تبغي كاتبتها، وإنَّما زادتني علمًا بالكاتبة نفسها، كما قال (شوبنهاور): ذوو النفوس الدنيئة يجدون المتعة في البحث عن أخطاء رجل عظيم».

وفي هذا السياق يقول المفكِّر الكبير محمد الغزالي: «ما أنْ تكتمل خصائص العظمة في نفس، أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان، حتى ترى كلَّ محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحَهُ غضبٌ مكتومٌ، ويعيش منغَّصًا لا يريحه إلَّا زوال النِّعمة، وانطفاء العظمة، وتحقيق الإخفاق».

وقد كنتُ أظنُّ أنَّ مسالك العظماء -والكلام للغزالي- وأنماط الحياة المترفِّعة التي تميِّز تفكيرهم ومشاعرهم هي السبب في كراهية الساقطين لهم وتبرمهم بهم.. ثم تبيَّن خطأ هذا الظن، فكم من موهوب لا تزيده مَجَادته إلَّا تقربًا إلى الناس وعطفًا عليهم.

ومع ذلك فإنَّ التعليقات المُرَّة تتبعه، وكذلك التشويه المتعمَّد لآثاره الطيبة، والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة!!.

فما السرُّ إذن؟

السرُّ -كما يؤكد الغزالي- أنَّ الذميم يرى في الجمال تحديًا له، والغبي يرى في الذكاء عدوانًا عليه، والفاشل يرى النجاح ازدراءً به، وهكذا... إنَّ النجاة من ظلمات الحياة ومظالم الناس وأحقادهم ليست بالأمر السهل.. لا بُدَّ لها من أضواء يبعثها «ربُّ الفَلقِ» الذي يستطيع وحده أن يمحو آية الليل بآية النهار.

منعطف:

إنْ يحسدُونَ فإنِّي غيرُ لائِمهُم

قبلِي مِنَ النَّاسِ أهلُ الفضلِ قدْ حَسَدُوا

فدَامَ لِي ولَهُم مَا بِي وَمَا بهمُو

وماتَ أكثرُنَا غَيظًا بمَا يَجِدُ

وللحديث تتمة،،،

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store