Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

الشعبية.. لا تعني الجودة !

A A
يقول أحد الأصدقاء؛ إنه في بداية دخول الإنترنت للسعودية حصل على وكالة إحدى الشركات المزودة للخدمة، وبقدر ما كانت تلك الشركة سيئة في خدماتها من حيث السرعة والجودة، كانت شعبيتها كبيرة لرخص ثمنها مقارنةً ببقية الشركات. العجيب - بحسب هذا الصديق - أن الأغلبية من المشتركين وبرغم تذمّرهم وشكواهم من سوء الخدمة؛ إلّا أنهم كانوا يعيدون الاشتراك مرات ومرات رغم وجود البدائل.. يعني يشتمون، ويعيدون الكرّة من جديد!.

ليس كل رديء هو مرفوض بالضرورة.. هناك أشياء كثيرة نُجمع على سوئها وضررها، لكننا نعيد التعامل معها لأسباب كثيرة، وحالنا مع (مشاهير التواصل) أكبر شاهد على هذا، فرغم اتفاقنا على سوء وسطحية وربما ضرر معظم ما يُقدِّمون؛ إلا أننا نعود لمتابعتهم مرات ومرات، مما يجعل السؤال التالي قائمًا: لماذا نتابع المشاهير الذين نعترف بسوء محتواهم ورداءة ما يُقدِّمون؟!.

قبل محاولة الإجابة على هذا السؤال (المزمن)، لا بد من الاعتراف أن مشاهير التواصل باتوا يُمثِّلون قوة لا يستهان بها؛ من حيث التأثير في عموم المجتمعات الكونية، فملايين الأشخاص ينتظرون كل كلمة يقولونها، بالإضافة إلى قدرتهم الكبيرة على الإشهار والترويج؛ ليس للمنتجات والسلع فقط، بل حتى للآراء السياسية والأفكار العقدية والمجتمعية. أما أسباب استمرار متابعة الكثيرين لهم فتعود في رأيي لأسباب ثلاثة، أولها شعور الكثيرين - خصوصًا الشباب - بالانتماء إليهم، فالبعض يراهم أصدقاء، أو نماذج قريبة لهم نفسيًا وحياتيًا وفكريًا، لذلك يستمتعون بمتابعة حياتهم وما يفعلونه. ثانياً: انجذاب البعض للغرابة، والخروج عن المألوف الذي يُقدِّمونه، فالظهور الإعلامي التقليدي لا يزال مقيدًا بضوابط كثيرة، بينما تشكل البساطة والتلقائية وكسر الروتين ميزة كبيرة لصالح منصات التواصل. فمحتواها يمكن أن يكون في نظر البعض مضحكًا ومسليًا. ثالثًا: اهتمام البعض بالمنتجات أو الخدمات التي يُروّج لها المشاهير، حتى وإن لم يكونوا مؤمنين تمامًا بما يقولون.

اليوم وبعد أن أصبح مشاهير التواصل واقعًا لا يمكن تجاهله، من الأفضل معرفة كيفية التعامل الجيد معهم، وفي اعتقادي أن التعامل الذي يضمن أكبر قدر من الإيجابية، ويُقلِّل من السلبيات يتطلب التالي:

- تابع فقط من تثق بهم، ومن تعتقد أنهم يُقدِّمون معلومات دقيقة وغير متحيزة.

- لا تنساق خلف الشعبية، فالشعبية ليست دليلاً على الجودة، وكم من أشياء مشهورة ومعروفة ومتداولة بين الناس؛ لكنها سيئة للأسف.

- مهما كانت ثقتك بالأشخاص، كن حذرًا من المحتوى الذي يُقدِّمونه.. لا تصدق كل ما ترى أو تسمع، ولا تبني عليه قرارات مهمة تخص وظيفتك أو حياتك الأسرية.

- كن على وعي ودراية بكيفية صناعة المحتوى في هذه المنصات، ودوافع هذه الصناعة، والمخاطر المرتبطة بوجودك بينهم.

- إذا رأيت محتوى تعتقد أنه ضار بالوطن أو بالمجتمع، فلا تتردد بالإبلاغ عنه فورًا للجهات المختصة.

أولاً وأخيرًا، تذكّر أن الشعبية والشهرة لا تعني الجودة بالضرورة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store