ليس بالغريب أن يؤكّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالقول: "نريد على المدى القصير والبعيد أن يكون هناك تخطيط عمراني يخدم بلادنا ويخدم مملكتنا ويؤصل أصالتها".
وليس بالغريب، أن تقدّم تلك المقولة مع قلّة كلماتها فلسفة عمرانية تقوم على ركنين جوهريين؛ هما: التخطيط العمراني، وتأصيل أصالة المملكة؛ لأنّ العمران لم يعد مجرّد هياكل صماء؛ وإنّما أصبح أداة تشي إلى ساكنيها؛ بل يمكن القول إنّ "العمران"، كغاية، أضحى أسلوب حياة، وخطاب أمّة بتعدد ثقافتها، وعاداتها، وتقاليدها، وحضاراتها، ومنبع جذروها وأصالتها.
السؤال هنا؛ ما هو ميثاق الملك سلمان العمراني، وما أهميته؟
الميثاق هو وثيقة تحدّد القيم الأساسية، وتضع الإرشادات والعمليات المقترحة والأعمال والتصميم بما يهدف إلى رفع مستوى العمران والتصميم الحضري والبيئة المعمورة بصورة عامّة، من أجل تجسيد هوية فريدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمكان والأشخاص.
إنّ ميثاق الملك سلمان العمراني يهدف إلى تقديم رؤية شاملة يُصاغ على أساسها دليل إرشادي، وفلسفة تصميم تحتفي بتأريخ المملكة وثقافتها، وتلهم المبدعين من الأجيال القادمة، الأمر الذي يعزّز الاستمرارية الثقافية، والفخر الوطني، بوصفها أساسًا لإستراتيجية العمران الوطني في المستقبل.
وفي هذا السّياق يؤكّد الميثاق على مفهوم "العمارة السلمانية"، الذي يشير إلى مجموعة من الأعمال النموذجية التي نُفّذت تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أثناء فترة إمارته لمدينة الرياض، ولا يعد مجرّد طراز معماري؛ وإنّما هو منهجية تنتج بيئات عمرانية صحية وهادفة في مختلف المناطق والثقافات، بحيث يسهم في إيجاد فهم مشترك لمفهوم الجودة المعمارية في المملكة، وفي صياغة الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك لدى المسؤولين عن تشييد المباني والأماكن التي تعزّز ازدهار مدننا؛ ليكون أداة تلهم العقل والروح، وتضفي الطابع الإنساني على التطوير العمراني والحضري في منطقة الرياض وسائر أرجاء المملكة؛ بل وخارجها كذلك.
أخيرًا؛ على مدى عقود، لقد كان للملك سلمان فلسفة خاصّة نابعة من رؤيته العميقة وتجربته العريضة في إنشاء المشاريع والنماذج العمرانية الحضرية، وهذا ما أدى إلى رسم وجه حضاري يتّسم بالعمق، والأصالة، والهوية الثقافية للمملكة، كما هو ملاحظ في مدينة الرياض.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
