Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

الصعود على أكتاف المعاقين!

A A
* من (بلاوي) وسائل التَّواصل التي لا تكاد تنتهي، استغلالُ البعضِ لذوي الإعاقةِ من (قصار القامة، أو المفرطين في البدانة، أو حتَّى المصابين بمتلازمة داون)، واستخدام إعاقاتهم كمادةٍ للتندُّر والإضحاك؛ بهدف الكسبِ الماديِّ، وجمع المتابعين، غير مراعين للآثار النفسيَّة والاجتماعيَّة على ضحاياهم، وغير مقدِّرين للمسؤوليَّة القانونيَّة المترتِّبة على هذه الجرائم المركَّبة قانونيًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا، فاستغلال حاجة هؤلاء (المساكين) للعملِ والمالِ جريمةٌ، واحتكارُهم للتربُّح عن طريقِ التنمُّر عليهم، والسُّخرية منهم طوال الوقتِ بشكلٍ غير أخلاقيٍّ ولا إنسانيٍّ جريمةٌ أكبر، يمكن تصنيفها كنوعٍ من الاتجارِ بالبشر.

* قبل فترةٍ.. وبعد وفاةِ إحدى ضحايا هذه الظَّاهرة المشهورين بطولِ القامةِ، وضخامةِ الجسمِ، لم يخجل الشَّخص الذي كان يستغلُّه من التَّصريح بأنَّه سيقوم باستقدام (إنسان) آخر -ضعْ ألفَ خطٍّ تحت كلمةِ إنسان- شبيهٍ له في الضَّخامة والحجم؛ لكي يستمرَّ مسلسلُهُ السَّخيف، وكأنَّه يطمئن متابعيه، وجموع المُعلنين لديه أنَّ مسلسل السُّخرية من أصحاب العاهاتِ مستمرٌّ، دون أدنى مراعاةٍ لا لحرمةِ الموت، ولا للإنسانيَّة!.

* الحاجةُ المتزايدةُ لموضوعاتٍ يوميَّة مختلفة وغريبة وسريعة على وسائل التَّواصل؛ دفعت الكثيرين إلى ارتكابِ أخطاءٍ جسيمةٍ حتَّى بحقِّ أقربِ النَّاس لهم من آباء وأبناء، وهذه كارثةٌ أكبر، وقد صدمني قبلَ أيام مشاهدةُ إحدى السيِّدات وهي تضعُ والدتها المُسنَّة (والمُصابة فيما يبدو بالزَّهايمر) كمادةٍ يوميَّةٍ لـ(سنابها)، حيث تقومُ بالحوار معها، وقلْ إنْ شئتَ (الطقطقة عليها)، في مشاهدَ طافحةٍ بالعُقوقِ الذي لا يُخفِّف من غلوائه تلك المُصطلحاتِ اللَّطيفةِ التي تحاول الابنةُ العاقَّةُ تمريرها خلال حواراتها الفاحشة وغير الإنسانيَّة، عندما تُظهر والدتها كبقايَا إنسانٍ تائهٍ، وفاقدٍ للذَّاكرة والمعرفة، وكلِّ شيءٍ!.

* لا شيءَ -في رأيي- يمكنُ أنْ يبرِّرَ هذا العمل السيِّئ، حتَّى وإنْ قال البعضُ إنَّه يتمُّ برضا أصحابِ الإعاقةِ وموافقتهم، أو إنَّه قد يساعدهم بتوفير المال، فالغايةُ لا يمكن أبدًا أنْ تبرِّرَ الوسيلةَ، بتعريض البشرِ للسُّخرية والاستهزاء، واتِّخاذ إعاقاتهم وسيلةً لتحقيق الشُّهرة والأرباح.

* مازلنا بحاجةٍ للمزيد من القوانين الصَّارمة لضبط هذا الاستغلال المعيب، وتفعيل العقوبات على كلِّ مَن يرتكب هذه الأعمال المُخجلة بحقِّ ذوي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ، مع تغليظها على مَن يمارسها بحقِّ أبنائِهِ، أو أحد والدَيه، ونشر ثقافة الاحترامِ تجاه كلِّ فئات المجتمع وشرائحِهِ المختلفةِ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store