اختتم في الأسبوع الماضي الملتقى العلمي الرابع لأعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز الذي انعقد هذا العام تحت عنوان: «العلوم الإنسانية والتنمية المستدامة في ضوء رؤية المملكة 2030»، وأقيم برعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن عبيد اليوبي، وبإشراف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الأستاذ الدكتور محمد صالح الغامدي ومشاركة وكلاء الكلية ورؤساء ومشرفات الأقسام، وأعضاء هيئة التدريس من شطري الطلاب والطالبات. وكما في كل الملتقيات السابقة قُدّمت أبحاث رصينة ذات صلة بعنوان الملتقى من كل المناحي المتصلة بتخصصات الكلية المتعددة، وجميعها وثيقة الصلة بالتنمية المستدامة في المملكة، ويظهر ذلك جلياً في عنوانات الأبحاث ومنها: «كتابات المرأة العربية في الفضاء السيبراني: الاستدامة والأسباب»، و»استخدامات تطبيقات الحاسوب المساعدة في ترجمة المواقع الإلكترونية واستدامة المحتوى الإلكتروني»، و»تصوُّر مقترح لتطبيق مفهوم الاستدامة الاجتماعية في المدن السعودية في ضوء رؤية المملكة 2030»، و»تحقيق أهداف التنمية المستدامة في ضوء القرآن الكريم»، و»مقصد حفظ العقل وأثره في تحقيق الأمن الفكري من خلال العلوم الشرعية»، «وتطور ممارسات تعلّم اللغة المستدامة وما الذي يفعله المعلمون لتعزيز التطور اللغوي المبكر»، وأبحاث أخرى تخدم كلها التنمية المستدامة في المملكة في ضوء رؤية 2030، وجميعها جدير بأن يأخذ طريقه إلى التطبيق لأهمية نتائجها وتوصياتها وتوثيقها العلمي الدقيق.
لذا يمكن اعتبار هذا الملتقى الذي تدأب كلية الآداب والعلوم الإنسانية على تنظيمه دورياً، مؤتمراً علمياً يضاهي مؤتمرات تعقدها أرقى الجامعات العالمية بكل المقاييس، ولم تحُلْ جائحة كورونا دون عقد الملتقى في موعده من خلال تقنية الزوم وإمكانيات جامعة المؤسس الهائلة في عقد اللقاءات عن بُعد التي أثبتت فاعليتها وريادتها. ومن فعاليات الملتقى المهمة هذا العام توزيع جوائز الفائزين بجائزة كلية الآداب والعلوم الإنسانية للتميز في خدمة المجتمع، وتضمنت فوز قسم اللغة العربية وآدابها بجائزة أفضل قطاع قدم خدمات للمجتمع عن عمل القسم المجتمعي في الاحتفاء في اليوم العالمي للغة العربية، وقد كانت الشخصية المكرمة في الملتقى الأستاذ الدكتور إسماعيل بن خليل كتبخانة عميد كلية الآداب السابق ورئيس قسم الاجتماع السابق وهو من أبرز علماء علم الاجتماع في العالم العربي.
وكان من فعاليات الملتقى المهمة لقاء مع الشخصية المكرمة استمر لساعة ونصف الساعة، تحدث فيه الأستاذ الكبير عن مسيرته العلمية من المراحل الدراسية الأولى حتى حصوله على الدكتوراه من أمريكا، وعن مسيرته الإدارية والعلمية بعد ذلك والمناصب التي تقلدها، وخصص جزءاً مهماً من هذا اللقاء للحديث عن الموسوعة الكبيرة التي وفقه الله لإصدارها وهي موسوعة «ثقافة المجتمع المكي خلال نحو قرن ونصف القرن (1300- 1436 هـ)»، التي تناولت في مجلداتها التسعة ثقافة مكة المكرمة ببعديها المادي والمعنوي، ووصفت بدقة شديدة مجمل الحياة المكية بكل مظاهرها وتراثها الاجتماعي الفريد النابع من العقيدة الإسلامية الصحيحة والفهم الصحيح لها، إضافة الى تقبّل التباين الثقافي والاجتماعي. ومما دعوت اليه في تعليقي على ما قال الدكتور إسماعيل عن هذه الموسوعة أنها جديرة بأن تُترجم الى جميع اللغات الحية ليتعرف العالم كله بما فيه العالم الإسلامي على مظاهر الثقافة المجتمعية المكية.
إنه ملتقى علمي رصين بامتياز، وتكريم للعلم والعلماء يشار إليه بالبنان، وقيمة مضافة لتصدُّر جامعة المؤسس لكل الجامعات العربية دون استثناء.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
