بين مشروعين

بين مشروعين
في حلقة حَراك الفائتة حول الوحدة الوطنية والتحديات التي يمكن أن تواجهها المملكة العربية السعودية مستقبلاً، جراء ما يُراد أن يُثار فيها من فتنة مذهبية بغيضة، إثر أحداث الأحساء الأليمة، التي تمَّت مواجهتها بالرفض القاطع من قِبل الحكومة والعلماء، ناهيك عن جمهرة الكتّاب والإعلاميين ومختلف الجماهير الشعبية، لينجح الوطن بحكومته وشعبه، في تخطي أول التحديات والمصاعب التي أراد الإرهابيون والمغرضون أن يقع فيها. في تلك الحلقة الحامية، لاحظت أن الحوار الذي دار بين المتحاورين، قد سرى عبر مسارين لا يتفقان من حيث النتيجة، وإن كانا ينطلقان من نفس الأهداف والرؤى والقيم الأخلاقية. حيث يأخذ المسار الأول بُعدًا أمميًّا، انطلاقًا من محورية مفهوم الأمة الإسلامية والواجبات اللازمة لنصرتها والدفاع عنها، وهي التي يُشكل فيها السنة أغلبية ساحقة، في مقابل الأقلية الشيعية؛ في حين يأخذ المسار الثاني بُعدًا وطنيًّا، انطلاقًا من مفهوم الوطن السعودي، الذي يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، ويعمل فيه الجميع في سبيل رفعة وطنهم والدفاع عنه، بعيدًا عن القناعات المذهبية والفكرية لكل واحد منهم. وهو ما ترتكز عليه قواعد الدولة الحديثة، ومفاهيم الدولة المدنية المعاصرة، التي تؤمن بأن الناس متساوين في ظل سلطة القانون. وحتماً فذلك هو جوهر الدين الحنيف الذي عكسته صحيفة المدينة، وطبَّقه واقعًا وسلوكًا الهادي إلى سواء السبيل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين من بعده. في قناعتي فإن إشكال المسار الأول يكمن في حالة الربط بين مُجريات الأحداث، وما يجب أن يكون عليه الحال في الوطن، بمجريات الأحداث وتطوراتها على صعيد الأمة، فتتشابك الخيوط، وتختلط الأوراق، فلا يَعد يَعرف أحد لماذا أُخذ؟ ولا بماذا أُخذ؟ لكونه بات رهينًا لتطورات أحداث ليس له أي علاقة بها، بل تجده لا يُقرها ولا يُؤيدها، لكنه في المقابل يُصبح مرهونًا بنتائجها، ويتوجب عليه أن يتبرأ منها صبح مساء، ويُعلن رفضه لكل حيثياتها بمنطق وبغير منطق، وإلا جنى وزرها، ولحقه لهيبها. ولا شك فإن ذلك من أعظم الأمور، وله نتائجه الوخيمة على اللُّحمة الوطنية واستقرار الوضع الداخلي. ما أحوجنا اليوم إلى أن نُنهي حالة الاضطراب الواضحة في بعض خطاباتنا الوطنية، ونُحدد أولوياتنا التي يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيقها، وأجزم أن من أوجب الواجبات أن نعمل لننأى بأنفسنا عن الوقوع في شرك الفتنة الطائفية القاتلة، التي أهلكت في بعض دول الجوار الضرع والحرث، ودمرت البنيان، وأحالت الحياة إلى جحيم لا يطاق. فهل لنا أن نعتبر؟ وأن نحمي وحدتنا ووطننا بالتأكيد على حقوق وواجبات المواطنة، في ظل سلطة القانون والدولة المدنية الحديثة؟!

أخبار ذات صلة

إدمان السعوديين والمقابر الإلكترونية!
الشَّفط الفظيع في الشفا البديع..!!
أبراج المراقبة والسلامة الجوية
عباءة الدِّين أصبحت مشاعة!
;
حيرة و(تيهان) حول (هياط) ابن كلثوم
الأكذوبة الكبرى التي يعيشها العالم اليوم!
تخطيط القلب
«القواعد من النساء».. بيولوجيًّا أو اجتماعيًّا؟!
;
إذا تبغون سعودة حقيقية؟!
الفتى الطائر في جامعة الأعمال
حرِّر تركيزك.. لتُتحرِّر شخصيتك
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (2)!
;
الرؤساء التنفيذيون.. ومُلَّاك الأسهم
المشجع التَّابع.. و«أم الصبيان»
النفس.. إلى وطنها توَّاقة
المتحدِّث الرسمي!!