تحدي وقف الهدر - مرة أخرى

تحدي وقف الهدر - مرة أخرى
أعود للمرة الثالثة لطرح التحدي الذي وضعه خادم الحرمين الشريفين في كلمته في افتتاح مجلس الشورى أمام المسؤولين: وقف الهدر في الإنفاق بشقيه الناتج عن الفساد أو الناتج عن عدم الكفاءة. وأؤكد أن هذا التحدي الذي طرحه المقام الكريم سيظل قائماً أمام المسؤولين باعتباره أحد أبرز مهامهم في بناء المستقبل المشرق للوطن وأب‍نائه. وأنه سيظل المعيار الأهم لكسب ثقة المواطن في هذا البرنامج الطموح الذي انطلق مع مطلع العام الجديد. ولقد تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع المنصرم قضية تعدي أحد رجال الأعمال على الممتلكات العامة عبر ضمه طريق الخدمة في شارع رئيسي في إحدى مدن المملكة لبيته الخاص، وما تبعه من رد فعل واسع النطاق وما تبعه كذلك من أمر سمو أمير المنطقة بإزالة التعدي وإعادة الطريق العام للخدمة.ويمثل هذا الإجراء مثالاً جيداً للتصدي للهدر ينبغي علينا أن نتعلم منه الدرس وأن نطوره باعتباره نموذجاً واحداً من نماذج عدة لوقف النزيف ينبغي تطبيقه على جميع حالات التعدي ومختلف مستوياتها وأشكالها. وهناك في رأيي أربعة جوانب ينبغي استكمالها في أي قضية تعدٍّ أو تجاوز لكي نقول مطمئنين لخادم الحرمين: نحن نقبل التحدي يا سيدي وسوف نرتقي له كاملاً. وهذه الجوانب ينبغي أن تكون بروتوكولاً يتبع في جميع الحالات وهي:1. إن التكلفة الكاملة - المباشرة وغير المباشرة - لعملية إزالة التعدي على المال العام أو الممتلكات العامة ينبغي أن تُحمَّل كاملة على المتعدِّي طالما كان مقتدراً. وهذا يشمل أجرة المعدات والعمالة والمواد وإعادة رصف الشارع وإنارته وتجميله، والإشراف عليه وتكلفة وقت المسؤولين المنصرف على هذه القضية في الأمانة وفي الإمارة وفي الشرطة. 2. يعتبر الاستخدام الماضي للشارع هو استئجار لممتلكات عامة، وينبغي تحصيل قيمة استئجار تلك الممتلكات، وذلك طيلة الفترة التي تم الانتفاع بها من قبل المتعدِّي طالما كان مقتدراً.3. يعتبر التعدي على الممتلكات العامة مخالفة متعمدة للقانون تحمل في طياتها غرامة مالية يقدرها القضاء أو المسؤول الأول في المنطقة، وتتناسب مع حجم التعدي والضرر الذي تركه على المواطن.4. إن أي تعدٍّ على ممتلكات عامة يطرح تساؤلاً مشروعاً حول معرفة المسؤولين المسبقة في الأمانة بهذا الأمر من عدمه. لذا فإن الأمر لا يخلو من أحد احتمالين: إما معرفة وتواطؤ (وبذا تتحقق شبهة الفساد)، أو جهل وإهمال (وبذا تتحقق شبهة عدم الكفاءة). وفي كلا الحالين ينبغي تحري الحقائق والوقائع كاملة، ووضعها أمام المواطن والمسؤولين بشفافية وجرأة. والمنطق وراء هذه الإجراءات الأربعة واضح جداً. فبدونها تصبح عملية التعدي عملية مربحة للمتعدي وتشجيعاً للتعدي ذاته. والمعنى هو أن أتعدى على الممتلكات العامة وعندما يكتشف الأمر - هذا إذا اكتشف أصلاً - فسوف تقوم الدولة «مشكورة» بتصحيح التعدي، وأكون أنا قد كسبت منفعة فترة الاستخدام هذه، طالت أم قصرت دون عواقب. ولعل صفحات الجرائد حُبلى بأخبار مشابهة عن تعديات شملت أسواقاً عامة وأراضيَ بيضاء ومزارعَ وشطآناً، وغير ذلك. إن التصدي للهدر بشقيه الناتج عن الفساد والناتج عن عدم الكفاءة هي عملية شاقة وطويلة بدون شك، وهي عملية حساسة تتطلب العدل والحزم والشفافية، كما تتطلب الاستفادة من كل خبرة وكل تجربة وتعميمها وتقنينها.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات