ومن الحب ما لا ينطفئ أبدًا

ومن الحب ما لا ينطفئ أبدًا
يردد البسطاء أحيانًا أن طوال الفراق عن التي تحبها قد ينسيك إيَّاها، فتحب أخرى، ويندثر حب الأولى، وقد تسمع من المعدِّدين منهم -إن حزنت على فراق زوجة أحببتها- مقولة يردِّدونها في مثل هذه المناسبات: النساء كثير، ولكنَّهم يجهلون أنَّهم حين يردِّدون مثل هذا، فهم لا يتحدَّثون عن الحب الحقيقي، بل قل العشق الذي يجعل مَن تعشق لا تغيب عن ناظريك أبدًا، حتَّى ولو غابت الغياب الذي لا رجعة منه، كما هو غياب الموت، هذا الذي يفرِّق بين الأحبة، ويوجع منهم القلوب، لكنهم مع ذلك يظلون يتطلَّعون لرؤية المحبوب ولو في رؤى النوم، تُعيد لهم شيئًا من حرارة الحب، التي لا تزال جذوته في أرواحهم تشتعل، فأنت إن عشت مع من أحببت امتلك عليك فؤادك؛ حتَّى ظللت دومًا متطلعًا لرؤيته، لا أقول مرّات في اليوم، بل في كل أجزاء هذا اليوم الذي تعيشه، وذاك الذي تنتظر قدومه، ولم يأتِ بعد، وتأسى على أيام من عمرك انقضت قبل أن تراه، هذا العشق كله أقول لمن لا يعرفه، هو يا سادة لا تنطفئ جذوته أبدًا، حتَّى مع هذا الفراق القسري، الذي يسموّنه الموت، فالحبيب يظل معك حين يقظتك، وعندما تنام، ويغلبك الحنين كلَّما رأيت من ربطوك به على مدى العمر من أولادكما معًا، هم يستبقون هذا الحب حيًّا لا يموت أبدًا، ومن كان مثلي مؤمنًا ينتظر رؤية مَن يحب يوم اللقاء الأعظم الذي لا محالة آتٍ يوم ننتبه حين الوفاة، وأمله أن يجمعه الله بمَن أحب في مستقر رحمته ليواصل ما انقطع في الدنيا بالوفاة، إنَّ الحب أجمل شيء في هذه الحياة، حبًّا يظل حيًّا وإن ماتت الأجساد وبليت، فالأرواح باقية، وجذوة الحب فيها تشتعل حتَّى يوم اللقاء الذي سيكون ما بعده حياة سرمدية، هذا الحب الذي لا يعرف سوى الوفاء، لأنَّ صاحبه عندما ارتبط بمن يحب لم يكن رباطه به جسديًّا فقط، بل تآلف أرواح يخلّد على مر الزمان، ولعله بعد الزمان يبقى حتّى تكون الحياة سرمدية بعد أن يلقى المحب ومَن بادله الحب ربهم، وتنقضي حياتهم الدنيوية، فيكونا زوجين في الآخرة، حينما يرحمهما الله، فيدخلهما معًا الجنة فيستأنفا ما انقطع من الحياة. أكتب هذه الكلمات كل عام حينما تطل الذكرى، ذكرى فراق الأبدان، بوفاة من أحببت.. أم أولادي الثلاثة.. والتي ما غابت عنّي قط منذ وفاتها في 7 ذي الحجة عام 1425هـ، ولا أظنها تغيب عنّي حتّى ألقاها برحمة ومنّة من ربي الرؤوف الرحيم، فادعوا لها معي بالرحمة والغفران، وفسيح الجنان، فهي تستحق كل هذا بنقاء روحها، وطيب شذا أخلاقها، وحُسن تعاملها.. إليها تهفو روحي حتَّى اللقاء الذي أنتظر.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات