الانتهازية في مؤتمر الشيشان!
تاريخ النشر: 12 سبتمبر 2016 00:17 KSA
بعيدًا عن الدخول في التحليلات الدينيَّة التي ليست من حقل الاختصاص، أُركِّزُ في هذا المقال على بعض الجوانب السياسيَّة التي فرضها انعقاد مؤتمر الشيشان في هذه المرحلة الخطرة، وقبل موسم الحجِّ على وجه الخصوص، وفي وقت تشتعل نيران الفتن في جُلِّ دول المنطقة. كما أنَّ اختيار الزمان والمكان للبحث في موضوع خلافي منذ القدم، ومحاولة إخراج تصوّر غير متكامل في هذه المرحلة لا يخلو من الشبهات التي تستهدف الأمَّة في أغلى ما عندها، وهو الدِّين الإسلامي، مصدر عزَّتها، وجوهر حضارتها ومشاركتها الإنسانيَّة. ولو اقتصر المؤتمر على النقاش، وتبادل الآراء كمرحلة أولى، والتخطيط لاستكمال النقاش والمداولات بتحضير شامل، ومشاركة كلِّ الأطراف المعنيَّة بدون إقصاء، أو محاولة لاستهداف أيِّ فريق من أهل السنَّة والجماعة -محور النقاش الذي انعقد في الشيشان- لابتعدت الشبهة عن ذلك المؤتمر إلى حدٍّ كبيرٍ. ثُمَّ إنَّ تجاهل دعوة المؤسسات الرسميَّة المعتبرة في المملكة العربيَّة السعوديَّة في الوقت الذي تبذل فيه المملكة كلَّ ما يمكن للمحافظة على كيان الأمَّة في هذه المرحلة، وحمايتها من الهجمات الخارجيَّة والداخليَّة يشي بأنَّ هناك مُخطَّطًا يستهدف النَّيل من منطقة الخليج العربي، والسعوديَّة على وجه الخصوص، ويستهدف وحدة الأمَّة الإسلاميَّة. فتوقيت انعقاد المؤتمر من حيث الجو السياسي العالمي، ومحاولات إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يعطي فرصة للمغرضين لتحقيق أهدافهم الدنيئة، ولا يخدم الأمة الإسلاميَّة. والنقطة الثانية توقيت عقد المؤتمر قبل موسم حجِّ هذا العام، والذي اتَّخذت فيه إيران قرارها بعدم السماح لمواطنيها بالحجِّ وفق الضوابط التي اتفق عليها، وقبلتها الدول الإسلاميَّة بدون اعتراض يشي أيضًا بأنَّ إيران وأعوانها كانت وراء ذلك المؤتمر المشبوه. والنقطة الثالثة أنَّ موضوع المؤتمر يتعلَّق بأمور خلافيَّة لا يمكن التعامل معها بالتسييس المبطن، والدس، والإقصاء، وإنكار دور المملكة المركزيّ التي تحرص دائمًا على وحدة الأمَّة، وخدمة مصالحها.ومن النقاط المذكورة أعلاه نستنتج أنَّ أكثر المشاركين في المؤتمر مُحمَّلون بمشكلات شخصيَّة أكثر من حرصهم على مصلحة الأمَّة الإسلاميَّة في هذه المرحلة، التي يتكالب عليها الأعداء من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، وهم يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصيَّة أكثر من أيِّ شيء آخر، والمستقبل سيثبت ذلك.كما أن السكوت، وعدم الرد من قِبَل العديد من الدول الإسلاميَّة -عدا بيان هيئة كبار العلماء في المملكة- على البيان الصادر في اجتماع الشيشان، والتصدِّي الصريح له، لا يخدم القضيَّة الكبرى للأمَّة، ولا يخدم وحدة الصف الإسلاميّ في وقت الأزمات من الاختراقات الخارجيَّة.إن الشخصيَّات المتلبِّسة بالدِّين، والتي تقع في مصائد إيران وغيرها من الدول والأحزاب المتحالفة معها، والتي تستهدف أمن واستقرار المسلمين، يرتكبون أخطاء جسيمة باسم الإسلام في حق الأمَّة الإسلاميَّة، ومن الواجب الحذر، وأخذ الحيطة من مخططاتهم وتوجّهاتهم المشبوهة.حفظ الله بلادنا من مكر الأعداء، ووفَّق القائمين على أمن وسلامة حجَّاج بيت الله الحرام، القادمين من كلِّ فجٍّ عميقٍ، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.