كلامٌ في خُطبة الجمُعة

من أهداف خُطَب الجمُعة تلبيةُ حاجاتِ الناس الفكرية والرّوحية والاجتماعية والتفاعل معها، من غير استفزازٍ لمشاعرهم السّلبية؛ بسبب بعض المُمارسات التي ينتهجها بعض الخطباء -أصلحهم الله- كالحضور مُتأخرين، أو إطالةِ وقت الخطبة، أو رفع أصواتهم حدّ الإزعاج، ناهيك عن اختيار القراءة من طوال السُّوَر والإطالة في الوقوف؛ ما يُسبّب حرجًا لبعض كبار العُمْر وأصحاب الحاجات، وبخاصة في أوقات الحرّ الشديد.

أما أحد الخُطباء، فيختار موضوعاتٍ تمسّ واقع الناس فعلًا، لكنه يتناولها بِفظاظة مُنفّرة، ويُلقى الكلام بصيغة المُخاطَب عِوضًا عن الجمْع أو الغائب، وكأنّ الحاضرين هم المقصودون، فضلًا عن اعتماد أسلوب الترهيب بعيدًا عن الترغيب، وبانتقاء كلماتٍ من أمّهات الكُتب القديمة وتعابير مُفرطةٍ في السّجع، لا يفهمها كثيرٌ من الناطقين باللغة العربية، ناهيك عن غير العَرب.


وهنا، أودُّ الحديث عن أمرٍ يُفترض أن يكون بدَهيًّا في أيّ خطبة باللغة العربية، وهو ضبطُها وتشكيلُها وإعطاءُ حروفِها حقها من النطق، ولفظُ كلماتها بما يتناسبُ مع قواعدها اللُّغوية. فلا يُمكن فهم المعنى الـمطلوب إلا بلفظِ الكلام على الوجه الصحيح، فالضّبط السليم له وقعٌ عذْب على سـمْع المُتلقي، وهذا أحد أسرار بلاغة القرآن الكريم والتناغم المُعجِز لمفرادته، وتناسق ألفاظه الذي يأخذُ بالألباب.

ومن العجَب أن تسمع أحد الخُطباء وهو ينصبُ الفاعلَ ويرفعُ المنصوبَ وينصبُ المجرور، إلى غيـر ذلك من تجاوزٍ مُزعجٍ للقواعد الُّلغوية وكسرٍ للأُصول اللفظية؛ ما يجرح الذوق السّليم ويستفزّ السّمع الدقيق. والأعجب، أن يقع في هذا خُطباء يقرأون من نصّ مكتوبٍ على ورقة أمام أعينهم، وخطبةٍ تم إعدادها سَلفاً، يُفتـَرض أن قد تمّ ضبطُ كلماتها بالشّكل، والتأكّد من طريقة لفظها، قبل الوقوف على المنبر المَهيب للخَطابة، ثمّ تجد أحدهم لا يهتمّ بمراجعة ما نطق به من لحْن، ولا يُصحّح ألفاظه الخاطئة، لجهْله الواضح بأبسط مبادئ اللغة وضبطِها.


لا شك في أن ما تقدّم لا يشجّع على الاهتمامِ بإثراء خطبة الجمعة، وحسنِ استغلالها في المُفيد خلال وقت قصيـر لا يشقّ على الناس، كما من الضروري على المعنيين الاعتناء بسلاسةِ أسلوب اللغة العربيّة وضبطها الصحيح وإعرابها السّليم؛ حتى يتذوقَ الناس حلاوةَ ألفاظها، ويكتملَ لديهم حُسْن المعنى المُراد بسليم المُفردات.

أخبار ذات صلة

إدمان السعوديين والمقابر الإلكترونية!
الشَّفط الفظيع في الشفا البديع..!!
أبراج المراقبة والسلامة الجوية
عباءة الدِّين أصبحت مشاعة!
;
حيرة و(تيهان) حول (هياط) ابن كلثوم
الأكذوبة الكبرى التي يعيشها العالم اليوم!
تخطيط القلب
«القواعد من النساء».. بيولوجيًّا أو اجتماعيًّا؟!
;
إذا تبغون سعودة حقيقية؟!
الفتى الطائر في جامعة الأعمال
حرِّر تركيزك.. لتُتحرِّر شخصيتك
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (2)!
;
الرؤساء التنفيذيون.. ومُلَّاك الأسهم
المشجع التَّابع.. و«أم الصبيان»
النفس.. إلى وطنها توَّاقة
المتحدِّث الرسمي!!