بعض الجوانب في صفحات المصائب!

مِن جَمَاليَّات المُصيبَة، أَنَّها تَجمَع النَّاس مِن حَولِك، فتَرَاهُم -فِي حَالةِ العَزَاء- يَحضَرون ويَقفُون بجَانِبك، ويُشَاطرُونَك الأَحزَان. وقَديماً قَال المُتنبِّي: (مَصَائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوَائِدُ).. ولَعلَّ إقبَال النَّاس عَلَى طَعَام «الوَضيمَة» فِي العَزَاء، يَدفعنَا لتَغيير مَقولة المُتنبِّي لتُصبح: «مَصَائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ مَوَائِدُ». فالمُصيبَة لَهَا طَابِع خَاص، حَيثُ إنَّهَا تَختَلف عَن كُلِّ الأَشيَاء فِي الحَيَاة، لأنَّ الحَقَائِق والمَوَاقِف المُتكرِّرة تُخبرنَا؛ أَنَّ كُلّ شَيء يَنمُو مِن الصِّغَر إلَى الكِبَر، فهَل المُصيبَة كَذَلِك؟، يَنفي الأَديب «نصر بن سيَّار» ذَلك قَائِلاً: (كُلُّ شَيء يَبدو صَغيراً ثُمَّ يَكبر، إلَّا المُصيبَة؛ فإنَّها تَبدو كَبيرَة، ثُمَّ تَصغر)..!

والعُقلَاء -دَائِماً- مَا يَعتَبرون مَصَائِب المَاضِي صَفحَات مطويَّة، ولَا يَنظرُون إليهَا، أَمَّا أُولئِكَ الذين يَنظرُون إلَى تِلك الصَّفحَات، فقَد وَبَّخهم -بطَريقةٍ ذَكيَّة- الفَيلَسُوف «ولون» حِينَ قَال: (التَّفكير بالمَصَائِب القَديمَة، أَشبَه بمُحَاولة تَحديد النَّسْل بمَفعولٍ رَجعي)..!


أَكثَر مِن ذَلك، هُنَاك أُناسٌ يَعيشون فِي قَلقٍ دَائِم، وهَمٍّ وكَمَد، خَوفاً مِن وقُوع المُصيبَة، وكَأنَّهم يَنتَظرون حدُوثهَا، وهَذه الحَالَة أَشدُّ خَطراً مِن المُصيبَة ذَاتهَا، وفِي ذَلك يَقول أَديبنَا «ميخائيل نعيمة»: (تَوقُّع المُصيبَة أَشدُّ هولاً مِن وقُوعهَا)..!

وهُنَاك مَن يَرى المُصيبَة؛ فُرصَة للبُكَاء واللَّطم، والشَّكوَى والصُّرَاخ، ولَكن العُقلَاء يَتأمَّلون المَصَائِب، ويَرونها فُرصَة لتَغيير المَسَار، وتَجديد الطّمُوح، لِذَلك يَقول الأَديب «هيجو»: (فِي المَصَائِب جَلَالَة، أَجثُو أَمَامهَا خَاضِعاً)..!


والمُصيبَة لَا تُقرَأ دَائِماً بطَريقةٍ سَلبيَّة، بَل أَحيَاناً تَكون المُصيبَة؛ مَحطَّة مِن مَحطَّات الإنسَان الإيجَابيَّة، وقَد أَخبرنَا المَولَى -جَلَّ وعَزّ- فِي كِتَابه الكَريم، الذي لَا يَأتيه البَاطِل مِن بَين يَديهِ، ولَا مِن خَلفه، عَن الحِكمَة الكَامِنَة فِي المَصَائِب، فقَال: (وعَسَى أَنْ تَكرهُوا شَيئاً وهو خَيرٌ لَكُم)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقَي؟!

بَقَي القَول: سُئل شَيخنَا «أبوسفيان العاصي»: أَينَ تَرَى المُصيبَة؟.. فقَال: (أَرَاهَا فِي إنسَانٍ أَعطَاه الله تَعالَى مَالاً ووَقتاً، ولَم يَستثمرهمَا فِي القِرَاءَةِ والكِتَابَة)..!!

أخبار ذات صلة

عندما تُخطئ.. لن تنفعك نواياك الطيبة
أمين كشميري.. الرَّجلُ المهذَّبُ
الأمن.. والفقر.. والفساد..!!
السيناتور وغزَّة.. والولد الصَّغير!!
;
عضوية فلسطين في هيئة الأمم.. أحقية قانونية
الحركة المرورية.. وأهل المدينة!!
الأعرابُ.. وردُّ الجوابِ..!
هل التجنيد العسكري هو الحل؟
;
حصاد الخميس..!!
أهالي شدا الأعلى والتعاون المثمر
خيارات المسيَّر: ملكوت الشعر وجنونه
علامات بيولوجية جديدة للكشف عن السرطان
;
معيار الجسد الواحد
قراءة.. لإعادة هيكلة التعليم وتطويره في بلادنا
دراسة الرياضيات
«يا أخي الهلاليين لعيبة»!