كيف نكون قدوة بلغة القرآن..؟

قبل بضع سنين شاركت في فعّالية أدبية أقامها النادي الأدبي النشط: نادي مكة الأدبي الثقافي في البلدة الطيبة برعاية الأديب الشاعر صاحب السمو الملكي، الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، وكنت ضمن المشاركين والحضور؛ نترقب تشريفه لقاعة الاحتفالات التي أقيمت فيها الندوة بمكة المكرمة؛ لنسمع كلماته الشاعرة الشجية التي تأتي بالجديد دائمًا، وتعكس فكره النيِّر، وبصيرته النافذة، وحصل ما توقعنا. فكان أول ما تحدث عنه وقتها أنه غير راضٍ عن الاسم التجاري الذي تحمله القاعة، التي أقيمت فيها الندوة، الذي كان اسمًا أجنبيًّا، أو اسم مدينة إسبانية شهيرة تحديدًا، وبيَّن سموّه أن هذه الأسماء الأعجمية لا تليق بأم القرى مهبط الوحي ومهد العربية كما أذكر تمامًا، ووجَّه سموّه على الفور وأمر بتغيير هذا الاسم إلى آخَر عربي، بل وحدد مدة ستة أشهر لتغيير تسميات جميع المحالّ والمرافق غير العربية إلى أخرى عربية في منطقة مكة المكرمة بأكملها، وكان ذلك بالطبع فتحًا مبينًا في نصرة لغة القرآن، وتمكينها وإعطائها حقها من التكريم، بعد أن هَضَم هذا الحق كثير من الناس، خصوصًا أصحاب المحالّ التجارية والمجمعات والأسواق التي لبست عباءات أعجمية في أسمائها وإعلاناتها وكل ما يدور فيها، وقد طربتُ لهذا التوجيه وفرحت به أيما فرح، وكتبت وقتها سلسلة مقالات تابعت فيها التغييرات التي وجَّه بها سموه، التي تحقق منها الكثير ولله الحمد، وأولها اسم القاعة الذي لفت نظر سموه، فقد تغير على الفور.

أقول وبالله التوفيق: إن مبادرة سموه السابقة تعتبر واحدة من مبادراته الكثيرة في نصرة العربية لغتها وثقافتها وتراثها، وهويتها الوطنية، وليست المبادرة الأولى ولن تكون الأخيرة -أمد الله في عمره- في التأكيد على دور اللغة الشريفة الفاعل في تشكيل ثقافتنا برمتها، ومن مبادراته المهمة للغاية مؤخرًا ما أعلنه سموه عن تحديد محور ملتقى مكة الثقافي للعام القادم تحت عنوان: «كيف نكون قدوة بلغة القرآن»، ضمن احتفاء إمارة منطقة مكة المكرمة باليوم العالمي للغة العربية، الذي حددت له الأمم المتحدة الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، كما أشرت إليه في مقالة سابقة.


وقد تناقلت وسائل التواصل وسواها مقطعًا بديعًا لسموه يقول فيه: «عندما نبحث عن مفردات تساعدنا على التعبير عن أنفسنا بلغة أخرى، لا تستطيعون أن تتخيلوا شعوري حين أسمع أحدهم كلما أستمع إليه يُردِّد قوله: Ok، أو شابة تخرج في التليفزيون لتقول: I didn’t mean that، وتساءل سموه: هل يجعل ذلك الفتاة أو الشاب من المثقفين، أو تجعل كلا منهما متطورًا أو متقدمًا؟ بالعكس، هذا يجعلك ناقصًا، ناقص ثقافة ووطنية»، وهذه الكلمات الصادقة تمثل ولاشك مفتاح الكيفية التي نكون فيها قدوة بلغة القرآن، بأن نتحرر من هذا الاستلاب الثقافي الذي أصابنا، وهذا الخلل في الهوية الدينية والقومية والوطنية الذي ألمَّ بنا، حتى إن البعض منا يحس بالتقزم، إن كان لسانه لسانًا عربيًّا، فلوى لسانه لينطق بكلماتٍ أجنبية، وخصوصًا الإنجليزية منها، وكثير من هذا البعض لا يُجيد الإنجليزية قبل أن يُجيد العربية، ولا يُفرِّق في نطقه بين P وB، أو بين F وV ، وشر البلية ما يضحك.

هي ولا شك مبادرة جديدة كبيرة ومهمة من مبادرات سمو الأمير الشاعر خالد الفيصل، ولكي نكون قدوة بلغة القرآن، لا بد من اتباع خطوات كبيرة في الإعلام والتعليم والنشاط الاجتماعي في كل القطاعات، ونفخر ونصرُّ على العربية، ليس بوصفها وسيلة اتصال فقط، بل بوصفها تمثل هويتنا العربية والإسلامية.

أخبار ذات صلة

الطبيب (سعودي).!
حين تغيب الرقابة ٣ مرَّات..!!
العالم المصري (مشرفة).. اينشتاين العرب!!
الأخلاقُ.. كائنٌ حيٌّ!
;
500 مليون دولار.. للقضاء على مرض شلل الأطفال
القصيدة الوطنية.. بدر بن عبدالمحسن
محمد بن سلمان.. القائد الاستثنائي ومنجزات وطن
الربيعة.. وشفافية الوزارة
;
اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!