المحامي

كان متميزًا عن أنداده.. متفوقًا في دراسته.. أنيقًا في مظهره..

التحق بالجامعة.. واختار أن يكون إعلاميًا..


بعد سنوات التخرج رأى أن يلتحق بالمحاماة.. وكان له ما أراد.. وبرع في عمله.. وكان لإدارته القضايا التي عُهِد إليه بها أثر بالغ في نجاحها..

فتح مكتبًا خاصًا به وأصبح الإقبال عليه ملحوظًا.. ونجاحه في مهماته معروف..


ولأن له خلفية دراسية إعلامية.. كان هناك أثر في ترويج مكتبه بطريقة احترمها الجميع.. وحذت حذوه مكاتب أخرى..

كانت أنظار زملائه له كأنه الذي يُدرس لهم كيف يكون العمل وأخلاقياته وطريقة معاملاته..

استلم قضية حيرته.. فقد اتصل به أحد المرموقين لتحديد موعد لمقابلته.. ولكنه بادر لزيارته واستمع لدعواه..

قال.. لقد دفعت لصاحبي لكي يفك أزمة.. ومضى على ذلك عقد من الزمن.. أنعم الله على صاحبي وأصبح في حال طيب وخير كثير..

اتصلت به يوم أمس مذكرًا بما لي عنده..

قال لي.. «إنت لسة فاكر.. انسى الموضوع»..

طلب منه مستندًا أو ايصالًا أو ما يثبت له أنه أعطى المبلغ لصاحبه..

نفى أن يكون عنده ما يثبت ذلك..

قال.. أنا أعرفكما وأعرف أخلاقكما وتعاملاتكما.. وإني لجد مستغرب من هذا الموضوع.. وإني لأعتذر عن إمكاني عمل شيء لعدم وجود حجة عندي..

استاذن ومضى..

لا يزال الموضوع شاغلًا باله ويرغب في المساعدة..

اتصل بالطرف الآخر لتحديد موعد لزيارته.. فبادر بالقدوم إليه..

سأله عن موضوع المبلغ الذي استلمه من صاحبه..

قال له.. هذا حدث.. فكتب له شيكًا بالمبلغ وسلَّمه له..

انطلق مسرعًا إلى صاحبه الأول وسلَّمه الشيك قائلًا: الموضوع لم يأخذ مني وقتًا فقد دعوت صاحبنا وأتاني وسلَّمني الشيك..

قال.. أعلم ولكني وددت أن أقول لك.. إن القانون يخيف المتلاعبين وعندما لجأت إليك.. خاف فدفع..

واسمك وسمعتك جعلته يتراجع..

أيامنا هذه يا بني الثقة لا تصنعها الأخلاق.. والقانون يعيد الثقة..

تعاملت معه بحياتنا السابقة.. وتعامل معك بحياتنا الحالية..

يا بني يحفظك الله فقد أكرمك الجليل فجعل لك هيبة الحكام.. وعدل القضاة..

ورد له الشيك قائلًا.. هو لك..

أعاد الشيك لصاحبه الأول وقال له.. هو لك..

شكر الله وحمده..

ثم أخذ صاحبه إلى صاحبه.. وأتم التنازلات الرسمية والأوراق الضرورية وأصلح بينهما..

وأخبرهما بأن الشيك الذي تحصل عليه منهما سوف ينفق على من تكون له دعوى ولا يملك مصاريف المحاماة..

لا يزال ينفق من علمه وجاهه ووقته..

إنه محترم ومهاب.. ولا يزال موفقًا في تلاقي الأحباب من غير عقاب بل بقليل من العتاب.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات