الطُّمأنينةُ النّفسية

من مُعضلات العصر المادي التقني الحديث، الفشلُ الذريع للإنسان فـي الحصول على الطمأنينة النفسية، وازدياد مشاعر التوتّر والقلق والخوف لديه، وتورّطه في مزيدٍ من الشقاء الروحي، ومواجهته خيبة أمل كبيرة في كل ما كان يعدُه بالخلاص النفسي والاطمئنان الاجتماعي، فالأنظمة السياسية، والثورات العلمية والتقنية والصناعية والاجتماعية، والرفاهية المادية، فشلت -بصورة عامة- في جلْب الطمأنينة النفسيةِ والاستقرار الروحي.

من الآثار السّلبية للحضارة والترف، فسادُ النفوس، وموت القلوب، وتمكّن الهوى، وضياع الأخلاق، واضطرابُ السلوك، وحمّى التنافس، وانهيار القدْوات، وهي من نتائج خطايا الإنسان ضدّ نفسه، كما من الواضح سيطرة حالة من الارتباك وعدم الاتزان على العالم تسبّبت في غياب الطمأنينة، فالإنسان قلقٌ بطبيعته، مدار بحثه الأزلي عن السّكينة الروحية، وأساس اضطراباته كلّها همومٌ ومخاوف وتساؤلاتٌ وجودية.


وفي محاولاتهم لاكتساب الطمأنينة، يلجأُ كثيرون إلى تبنّي الأوهام، فهي توفّر لهم قدْراً من الارتياح النفسي، وحلولاً لمعضلاتٍ كثيرة لا يجدون لها تفسيراً منطقياً، وكما أن «البلاهة» من عوامل الشعور بالرّضا والاطمئنان والسعادة، لا أشك أيضًا في أن السّذاجة والبلادة وقلة الوعي والاهتمام، يمكن أن تكافئ الإنسان بقدْر جيّد من الطمأنينة النفسية، وهي تميّز الأطفال وصغار العقول، يقول الدكتور (أحمد خالد توفيق): «الكلّ يفتقد النسخة القديمة من نفسه، رغم أنها كانت أضعف وأقلّ نُضجاً وأكثر غباءً، لكنها كانت أكثر سعادةً وراحة.. دائماً تبقى الطمأنينة أغلى شعور».

ومن نتائج الإيمان العميق بالله تبارك وتعالى، السُّكون والطمأنينة بالتخلّي عن الأغيار، والتحلّي به وحده سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).. (الرعد 28). وأرى أن من سُبل الحصول على الطمأنينة، التحرّر من أمرين، الحرص على الحياة، والخوف من الموت.. فالإنسان المصابُ بشدّة الحرص على الأشياء والتعلّق المفرط بالحياة، ويعاني من شدّة الخوف من الموت، يُعاني في الوقت نفسه من غياب الطمأنينة النفسية.


وختاماً، ابحث عن طمأنينتك البسيطة كلّ يوم، حتى لو سماع موسيقى طربيّة جديدة، أو نومة طويلة عميقة، أو عزلة عظيمة، أو تناول وجبة فاخرة، أو ممارسة هواية جديدة، أو صدقة سرّ أو عبادة خفيّة أو جبر خاطر، أو قراءة كتاب جيّد. يقول (توماس دي كيمبيس): «بحثتُ عن الطمأنينة في كُل مكان، فلم أجدها إلا بالجلوس في رُكن منزوٍ، وفي يدي كتاب».

أخبار ذات صلة

الطبيب (سعودي).!
حين تغيب الرقابة ٣ مرَّات..!!
العالم المصري (مشرفة).. اينشتاين العرب!!
الأخلاقُ.. كائنٌ حيٌّ!
;
500 مليون دولار.. للقضاء على مرض شلل الأطفال
القصيدة الوطنية.. بدر بن عبدالمحسن
محمد بن سلمان.. القائد الاستثنائي ومنجزات وطن
الربيعة.. وشفافية الوزارة
;
اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!