كتاب

أمانة جدة.. والتشوّه البصري

توقفتُ بمزيج من الإعجاب والاندهاش عند خبر نشرته أمانة جدة على موقعها تقول فيه: بأنها رصدت خلال شهر واحد فقط ٤٩٧٧ مخالفة تشوه بصري للمباني في عدد من الأحياء، أي بمعدل ٢٢٦ مخالفة يومياً (أيام عمل)، حيث إن هذا يعتبر بكل المعايير جهداً كبيراً يتطلب تخطيطاً وتسييراً لأفواج ضخمة العَدَدْ والعُدَدْ من المراقبين الميدانيين والمشرفين والسيارات.

وكم كان بودي أن أبدأ بشكر الأمانة على هذا الجهد الضخم لمواجهة مشكلة التشوه البصري المزعجة لنا جميعاً، ولكني آثرت قبل توجيه ذلك الشكر المستحق أن ألفت انتباه الأمانة لحقيقة أن غالبية التشوهات التي تعاني منها جدة ناتجة بالدرجة الأولى عن أخطاء الأمانة نفسها، وتقصيرها في علاج مشاكل من صميم مسؤولياتها.. وإذا كانت مخالفات المباني السكنية تسبب تشوهاً بصرياً يستحق الغرامات، فإن التساؤل البديهي هنا هو: لماذا لا تبدأ الأمانة بنفسها أولاً بحيث تقوم بتكليف المراقبين الذين يجوبون الشوارع بحماس منقطع النظير، وذلك لرصد تشوهات الأمانة البصرية أيضاً.. فمن المؤكد بأن أولئك المراقبين لو قاموا بذلك ولو بنصف حماسهم في رصد مخالفات بيوت الناس، فإن ذلك سيكون حلاً للجزء الأكبر والأهم من المشكلة، مع ضرورة ملاحظة أن بعض أخطاء الأمانة لا تمثل مجرد تشوه بصري، بل إنها أيضاً سبب رئيسي لحوادث الدهس والاختناقات المرورية والتلوث البيئي.


دعونا كمثال نبدأ بأرصفة الشوارع المتباينة في ألوانها وارتفاعاتها، وغير الآمنة كلياً لسير المشاة عليها نتيجة لسوء تصميمها، وعدم صيانتها وكثرة العوائق عليها من أشجار ضخمة مهملة، ولوحات إعلانية وحاويات نفايات سيئة المنظر والرائحة.

وفي بعض الشوارع الهامة؛ قام مقاولو الأمانة بتجريف الأرصفة بشكل كامل وتركها لمدد زمنية طويلة، بلغت في أحد الشوارع الرئيسية قرابة ثلاثة أشهر ممتدة حتى اليوم، وزاد الأمر سوءاً، وضع صبَّات خرسانية على امتداد ذلك الشارع الحيوي بشكل معيق لحركة المرور وسلامة المشاة، الذين يتواجدون فيه بكثافة، نظراً لمحاذاته لسوق الشاطئ، وعدد من المرافق الأخرى.


ومن مظاهر التشوه البصري الأخرى، افتقاد أعمدة الإنارة للصيانة، وهي ظاهرة متنامية يمكن ملاحظتها بسهولة في الشوارع الكثيرة المظلمة بشكل كامل أو جزئي لفترات طويلة دون صيانة، ويشمل ذلك شوارع رئيسية وفرعية على حدٍ سواء.

وأخيراً وليس آخراً، فإن من مظاهر التشوه البصري انتشار عربات بيع الأطعمة (فود ترك) داخل أو بمحاذاة الأحياء السكنية بشكل يعيق حركة السير، لدرجة اضطر معها المرور لأكثر من مرة لإغلاق بعض مداخل الأحياء السكنية التي تتواجد بها تلك العربات، وشمل المنع سكان حي وجدوا أنفسهم مضطرين لتكبد معاناة البحث عن طرق بديلة للوصول لمنازلهم، ناهيك عن معاناتهم مع تجمعات الشباب اليومية بسياراتهم بشكل مزعج حول منازلهم لأوقات متأخرة جداً من الليل.

يقول الشاعر:

ابدأ بنفسك وانهها عن خطئها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

فهناك يُقبل ما وَعَظت ويُقتدى

بالعلم منك وينفع التعليم !!

أخبار ذات صلة

إدمان السعوديين والمقابر الإلكترونية!
الشَّفط الفظيع في الشفا البديع..!!
أبراج المراقبة والسلامة الجوية
عباءة الدِّين أصبحت مشاعة!
;
حيرة و(تيهان) حول (هياط) ابن كلثوم
الأكذوبة الكبرى التي يعيشها العالم اليوم!
تخطيط القلب
«القواعد من النساء».. بيولوجيًّا أو اجتماعيًّا؟!
;
إذا تبغون سعودة حقيقية؟!
الفتى الطائر في جامعة الأعمال
حرِّر تركيزك.. لتُتحرِّر شخصيتك
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (2)!
;
الرؤساء التنفيذيون.. ومُلَّاك الأسهم
المشجع التَّابع.. و«أم الصبيان»
النفس.. إلى وطنها توَّاقة
المتحدِّث الرسمي!!