سطور عن ملحمة البناء



مكثت أترقب صدور كتاب (السعودية، الموروث .. والمستقبل، التغيير الذي يعزز البقاء) لا سيما بعد إطلاعي على مقال الإعلامي الشهير الأستاذ جمال خاشقجي عن الكتاب، الذي تعذر وجوده في المكتبات وحتى في معرض الكتاب الدولي بجدة، وفي لقاء جمعنا مع سمو الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن في الصيف الماضي طلبنا منه تزويدنا بالكتاب ولكنه نسي، وتم العثور عليه في القاهرة، وبعد الاطلاع عليه أدركت شفافية المؤلف والمصداقية في الطرح وهو أحد صناع التنمية في بلادنا لا سيما في منطقة الرياض. الموروث الذي أبدع في تقديمه شمل المكونات والحراك السياسي والإجتماعي ثم الوحدة التي لمّت شتات ما كان ممزقاً ومستحيلاً وكيف ولدت الحكومة المركزية وتصدت للنفوذ الأجنبي إلى أن أصبحت أمة صنعت ثوابتها وأثرت في غيرها وهيأت الاستقرار للجميع وكونت ثقلاً دينياً واقتصادياً وسياسياً وكيف تم الحفاظ على هذه الوحدة. واستعرض المؤلف جهود أبناء الوحدة والكيان (صانعي الموروث) مستعرضاً تأسيس الدولة السعودية الأولى والثانية والظروف والوقائع التي أحاطت بها وصمود تركي بن عبدالله وبعده ابنه فيصل وتمكينها للدولة والوحدة حتى تم طرد المحتل وإعادة البناء ودورهم المفصلي في بقاء الموروث والبناء عليه. يتحدث المؤلف عن البدايات وكيف تم تحويل الصعوبات والتحديات إلى الوحدة الوطنية التي نتفيأ ظلالها اليوم وكيف أن المستقبل لا بد وأن يُشيَّد على واقع البلاد وأساساته ونجاحاته في الماضي ويقول (ليس من الحكمة النظر إليها كتجربة ناجحة كانت وولى زمانها) يريد المؤلف أن نستنبط حجم الموروث المثقل بالقيم ووحدة الغاية والهدف وتضحيات السلف، فضلاً عن الثروات الاقتصادية والدينية وأراد أن يقول بأن البيئة في الماضي بكل ما فيها هي لنا مثال لتحفيز الهمم للمستقبل. لم يكتف المؤلف بذلك وهناك محطات عديدة تستحق التأمل فيها شملت الاصلاح السياسي ومفردة الديمقراطية ومفاهيمها عبر القرون وكيف وظفها البعض، يتحدث بإسهاب عن تحديات القيادة وتطبيق الشريعة والتواصل بين الحاكم والمحكوم والرؤية وأهميتها للدول والمؤسسات وعن تعزيز النزاهة والعلماء والدور المأمول ومحطات أخرى عديدة تستحق التوقف عندها لثرائها الكبير. لعل الرسالة التي يحملها هذا الرجل الغيور على دينه ووطنه ليست موجهة إلى القيادة فحسب وإنما لكل المسؤولين وكل المواطنين صغيراً كان أم كبيراً بأن يكون على ما كان من إرث عظيم لمواءمته للبناء للمستقبل ولكل من له اهتمام بالشأن السعودي أنصحه بقراءة المحتوى واستخلاص العديد من الدرر الثمينة.


أخبار ذات صلة

التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
;
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»
رسائل مزعجة جداً!!
;
قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!