سيكولوجيّة السُّخرية

يستخدم كثيرٌ من الناس أسلوب التهكّم على سبيل التندّر والفكاهة، وهو أسلوبٌ يهدِف في العادة إلـى إشاعة جوّ الضحك والمزاح، وقد يكون وسيلةً «لفش الخلق» والانتقاد بشكل مُضحكٍ يُشيـر بشكلٍ غيـر مُباشرٍ إلى مشاعر الألم والمُعاناة الفردية والاجتماعية، حيثُ يمكن أن تكون السُّخرية من الحال أو المجتمع وسيلةً جيدةً ومُبتكرةً لطرح رسائل واضحةٍ حول قضايا اجتماعية تستدعي اهتمامًا وانتباهـًا.

وعلى الرّغم من أن التهكّم بشكلٍ عام غير بنّاء وقد يُثير لدى الآخرين مشاعر الإحباط والغضب والحزن، إلا أن عدم تجاوز الحدود فيه قد يعطي نوعًا من الدعم والتحفيز على الإبداع لدى أطراف السّخرية، وخاصةً إذا استـُخدم التهكّم بشكلٍ غيـر مباشرٍ أو مؤذٍ، فالهدف الأساس إشاعةُ الارتياح وكسرُ الجمود وإثراءُ النقاش، ولفتُ الانتباه إلى أمر مُعيّـن دون إهانة أو مساسٍ بالكرامة أو تعرّض للمقدّسات.


وقد نظر كثيـرٌ من المختصيـن في علم النفس نظرةً سلبية إلـى من يستخدم أسلوب التهّكم والسخرية بشكل مُفرطٍ خلال حديثه وتعاملاتهِ اليومية وكتاباته، بوصفِ ذلك الأسلوب وسيلةً غيـر صحيّـة للتعامل مع الاضطرابات النفسية والمشكلات الشخصية، وسوء إدارة منه للضغوطاتِ الاجتماعية، فهي قد تكون طريقةً عدائية ضد غيـره مُتخفية في لباس دُعابة.

وتبقى السخريةُ أسلوب انتقادٍ جيـّد حين استخدامه بشكل صحيح، وطريقةً مقبولة، بل مطلوبة أحيانًا عند ملل أحدهم من الكلام المُكرر والحديث بجدّية عن مشكلةٍ اجتماعيةٍ أو قضيةٍ مهمة أو معاناةٍ مستمرة، ووسيلةً غيـر مباشرةٍ لنقد الأحداث الغريبة والأخبار المُؤرّقة.


وتحتاج طريقة التهكّم إلى إتقانٍ في الإلقاء كمًّا ونوعًا واختيار الوقت المُناسب، وحرصٍ في الأداء، حتى تكون مقبولةً غيـر ممجوجة، وهي بشكلها البسيط والعميق تتمثل في رسْـمات «الكاريكاتيرات» المصوّرة، والجُـمَل المُنتقاة، مشفوعةً بتعابير وجهٍ ونبـرةِ صوتٍ تُـعطي الانطباع المطلوب، بهدفِ لفت النظر وإيصال رسالةٍ معينة، وهي بشكلٍ عام ثقافةٌ اجتماعية مقبولةٌ في مجتمع معيـّن وظروف معيّنة، وغيـر مستساغةٍ في مجتمع آخر بظروفٍ مُغايرة.. والسّخرية في رأي كثيـرين طريقةٌ للتخفيف من ألم الـمشاعر، ومقاومة واقع الحياة غيـر الـمُلائم، والتأقلمُ النفسي مع الضغوطات المُزعجة.

أخبار ذات صلة

«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!
حديث القلب.. من ولي العهد
رؤية الحاضر للمستقبل
عام ثامن لرؤية مباركة
;
تعزيز منهج تعليم الخط العربي
الحُطيئة يهجو نادي النصر
الوعي.. السلاح الخفي!!
الكلمات قد ترسم المسارات..!
;
التَّشهير بالمتحرِّشات
الهلال.. ونعمة الزواج!!
الإداريات والترقيات
من مشكلة إلى سياحة!!
;
أدب في الليث: صالون من الذكريات
كل إناء بما فيه ينضح
{... فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}؟!
أثر حرية التعبير على النهضة العلمية في الإسلام