الدوران واللفلفة في يوميات الفلسفة

الفَلسفَةُ شَيءٌ مِثل الزِّئبَق، يَستَحيل أَنْ تَقبض عَلَى تَعريف دَقيق وكَامِل وشَامِل لَهَا، ومِن حَقِّ كُلّ مَن دَرسَ الفَلسَفة، وتَعمَّق فِيهَا، أَنْ يُعرِّفهَا مِن وجهةِ نَظره، وهَذه طَبيعة العلُوم الإنسَانيَّة، إذْ لَا كَلِمَة نَهَائيَّة فِيهَا.. إنَّها تُشبه الطُّرق المُتعدِّدَة، التي تُؤدِّي إلَى مَدينةٍ وَاحِدَة، لذَلك دَعونا فِي هَذه اليَوميَّات؛ نَستَعرض شَيئاً مِمَّا قِيل حَول الفَلسَفَة، ممَّا جَمعتُه خِلال فَترَات مُتبَاعدة مِن قِرَاءَاتي، لأنَّ الفَيلسُوف كَائِن مُهمّ، وقَد قَال سُقرَاط: (مَن لَا يَستَطيع الحيَاة فِي مَجتمع، أَو لَا يَحتَاج إلَى ذَلك، فهو إمَّا حيوَان أَو فَيلسُوف)، وبهَذَا يَتبيّن أَنَّ الفَلسَفَة استغنَاء واكتفَاء، ولَيسَت اندمَاج واحتوَاء:

(الأحد): هَل نَحنُ مَجَانين أَم فَلَاسِفَة؟.. إنَّه سُؤالٌ بَسيط، أَجَاب عَنه الفَيلسُوف «أمبروس بيرس» قَائِلاً: (الكُلّ مَجانين، لَكن مَن يَستَطيع تَحليل أَوهَامه يُسمَّى فَيلسُوفاً)..!


(الاثنين): للفَيلَسُوف مَزَايَا إيجَابيَّة كَثيرة، لَعلَّ أهَمّها، أَنَّه مِثَالٌ حَيّ للحَديث النَّبوي القَائِل: «مِن حُسن إسلَام المَرء، تَركه مَا لَا يَعنيه».. وفِي ذَلك يَقول الفَيلَسُوف «لودفيغ فيتغنشتاين»: (مِن أَهَم مَهَارَات الفَيلَسُوف، أَنْ لَا يشغل نَفسه بأَسئِلَة لَا تَخصّه)..!.

(الثلاثاء): مُشكلة الفَلَاسِفَة أنَّهم مُتنَافرون؛ مِثل الشَّمس والقَمَر، لَا يُمكن أَنْ يَأتي أَحدُهمَا إلَّا فِي غِيَاب الآخَر، وقَد عَبّر عَن ذَلك الفَيلَسُوف «جان بول سارتر» حِين قَال: (إذَا التقَى فَيلَسُوفَان، فأفضَل مَا يُمكنهمَا القِيَام بِهِ، هو الاكتفَاء بالتَّحية)..!


(الأربعاء): الفَلسَفَة رَادِعٌ ذَاتي، وضَميرٌ حَيّ، يُردع مَن تُحدِّثه نَفسه الأمَّارة بالسُّوء، وقَد لَخّص ذَلك الفَيلَسوُف «أرسطو» فقَال: (عَلَّمتني الفَلسَفَة؛ أَنْ أَفْعَل دُون أَوَامِر مَا يَفعله الآخَرون، خَوفاً مِن القَانون)..!

(الخميس): لَا تَعتَقد أَنَّ المَسَافَة بَعيدَة بَين الرِّوَائي والفَيلَسُوف، لأنَّ الرِّوَايَة فِي آخر أَشوَاطهَا، شَكلٌ مَرئي مِن أَشكَالِ الفَلسَفَة، وفِي ذَلك يَقول الفَيلَسُوف «ألبير كامو»: (لَيسَت الرِّوَايَة سِوَى فَلسَفَة تَم تَصويرهَا)..!

(الجمعة): الفَلسَفَة لَهَا زَكَاة، وزَكَاتهَا المُشَارَكَة والتَّفَاعُل مَع قَضَايَا المُجتَمَع؛ بَحثاً عَن الحَقّ والحَقيقَة، والصَّحيح والصَّوَاب، وكُلّنَا طُلاّب للحَقّ، وفِي ذَلك يَقول الفَيلسوف «لودفيغ فيتغنشتاين»: (الفَيلَسُوف الذي لَا يُشَارك فِي مُنَاقشَات، مِثله مِثل المُلَاكِم الذي لَا يَذهب أَبداً إلَى الحَلَبَة).

(السبت): مِن أَغرَب التَّعريفَات فِي الفَلسَفَة: أَنَّها طَريقٌ وَاحِد، يَشمَل تَفريعَات مُتعدِّدَة، وكُلّ فَرع يُؤدِّي إلَى أَصلٍ آخَر، حَيثُ يَقول الفَيلسوف «أمبروس بيرس»: (الفَلسَفَة اتّجَاه يَحتوي عَلَى طُرق كَثيرَة، تُؤدِّي مِن لَا شَيء إلَى شَيء).

أخبار ذات صلة

إدمان السعوديين والمقابر الإلكترونية!
الشَّفط الفظيع في الشفا البديع..!!
أبراج المراقبة والسلامة الجوية
عباءة الدِّين أصبحت مشاعة!
;
حيرة و(تيهان) حول (هياط) ابن كلثوم
الأكذوبة الكبرى التي يعيشها العالم اليوم!
تخطيط القلب
«القواعد من النساء».. بيولوجيًّا أو اجتماعيًّا؟!
;
إذا تبغون سعودة حقيقية؟!
الفتى الطائر في جامعة الأعمال
حرِّر تركيزك.. لتُتحرِّر شخصيتك
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (2)!
;
الرؤساء التنفيذيون.. ومُلَّاك الأسهم
المشجع التَّابع.. و«أم الصبيان»
النفس.. إلى وطنها توَّاقة
المتحدِّث الرسمي!!