حرائق مستمرة؟!

تعود حادثة «جاهلية» مجدداً لتتصدر الشبكة العنكبوتية ووسائل الإعلام، بعد أن كُنا حسبنا أننا قد خرجنا من «الدائرة الجهنمية» التي كان مجتمعنا يدور فيها لفترة قاربت نصف قرن، كان من الممكن لمجتمعنا أن يتصدر كثيراً من مجتمعات العالم الحديث بما أفاءه الله على هذه الأمة من ثروات طبيعية كان يمكن أن تُغير حال مجتمعنا من حال إلى حال!

****

فها هو مجتمعنا يفجع مرة أخرى بوفاة فتاة في ربيع عمرها نتيجة غياب العقل والحكمة، فقد توفيت الطالبة فاطمة بنت صالح الشمري داخل إحدى القاعات الدراسية في كلية التربية بجامعة حائل بعد أن أُصيبت بحالة تشنُّج وسقطت على الأرض وسط زميلاتها اللاتي حاولن إفاقتها دون جدوى. وقد أكد بعض شهود للحادث أن الفتاة توفيت نتيجة احتجاز الإسعاف عند بوابة الجامعة لما يقارب 17 دقيقة، بعد أن منع أمن الجامعة دخول الإسعاف «حتى يتم إبلاغ جميع الطالبات للتحجب»، وهو الأمر الذي أخَّر إسعاف الطالبة؟!

****

تذكرني هذه الحادثة بما وقع في مارس 2002، عندما اندلع حريق في إحدى مدارس البنات في مكة المكرمة توفي على إثره 14 طالبة نتيجة منع هيئة الأمر بالمعروف مغادرة الطالبات وقت الحريق بحجة عدم ارتدائهن الحجاب، ومنع رجال الدفاع المدني من الدخول منعاً «للاختلاط». وقد اعتبرت في رسالة وجهتها الى ولي العهد الأمير عبدالله (آنذاك) في نافذتي بصحيفة «عكاظ» أن «سبب الكارثة يكمن في العقلية التي تدار بها الرئاسة العامة لتعليم البنات وطريقة التفكير العقيمة التي تتعامل بها الرئاسة مع بناتنا».

****

وهكذا فإن نفس هذه العقلية تظهر مجدداً بعد ما يقارب عقدين من الزمان لتُكرر نفس المآسي، فإذا لم يكن ذلك كذلك، فهو الإهمال إذًا وعدم تحمل المسؤولية أو غيابها.. وهي هنا أشد وطأة. فإذا كنا نستهجن أن تقود وجهة نظر تيار معين التحكم في كثير من مفاصل المجتمع، فإن الأدهى والأمر هو أن تتحكم الفوضى والتسيب وعدم القرار وتقودنا إلى نفس النتائج المأساوية التي عانى منها مجتمعنا طويلاً!

#نافذة:

«نحن في دولة قانون تأخذ حقوق مواطنيها بكل صدق وأمانة وإخلاص».

ممدوح الشمري - شقيق الطالبة المتوفاة.