«في كل مئذنة حاوٍ ومغتصب»...!!
تاريخ النشر: 21 مارس 2021 00:08 KSA
.. عربي أصيل أنبتته الفيافي والشموس.
حلمَ ذات ليلة أنه امتطى صهوة جواده، وراح يطوي القفر.
زادُه الشعرُ وأنيسُه الخيالُ ورفيقُه القمر.
عبرَ مضارب بني عبس، ومرَّ بطيّئ و»تعلّل» في ديار بكر، وحطّ رحاله في تغلُب.
شجاه بكائيات قيس وجميل، واستهواه وجهُ ليلى وبثينة.
اشتمّ رائحة الخزامى وتضوع بالهيل والليل وتراتيل الحادي، وهو يروي للقافلة تفاصيل فضاءات ديار العرب البواح، وأساطير فروسيتهم...!!
*****
.. في الصباح.. يوقظه ضجيج المدينة، ونور الشرفات، وواقع عربي مليء بالأوجاع والمآسي..
سافر معه في تفاصيل مريرة...!!
*****
.. البداية من هناك من اليمن الجريح.
على مشارف جبل النبي شعيب، عانق سمعه الفلكلور اليمني، «وامغرد بوادي الدور»، و «خطر غصن القنا»..
واشتم رائحة البن ومذاق العسل من وادي بنا، ووقف على باب اليمن، وبحث عن أبواب صنعاء السبعة فلم يجد غير كارثة إنسانية، ووجوه ميليشيا وموت ودمار.
تُرى هل أبصر البردوني الأعمى ما تعامى عنه المبصرون:
«أتدرين يا صنعاء ماذا الذي يجري..
تموتين في شعب يموت ولا يدري»
ثم أدار ظهره على وقع السؤال الصعب:
«هل تدري صنعاء الصرعى.. كيف انطفأت ومتى تنشر ؟»...!!
*****
.. حمل أوجاعه وخيالاته إلى شامة الشرق، «وعز الشرق أوله دمشق».
هاله الأشباح والموت والدمار، ووجوه «التغريب» التي دنّست طهر الأرض واستباحت دم الإنسان.
اجتر آهة، وقف على ضفاف بردى
واستعاد من محاجر «شوقي» سلامه ودموعه.
وناجى: أين النواعير والقدود والقلعة؟.
هل غابت وجوه بني أمية من (فيحاء) التاريخ؟
ضجت مآذن الجامع، واستصرخت من مدافنها دمشق:
«وللأوطان في دم كل حر
يد سلفت ودَين مستحق»
*****
.. واصل خياله رحيله الى الأرض التي سكنت روحه وجسده، الى الوطن الذي وسمه (درويش): (بأم البدايات وأم النهايات)، فلسطين الجرح النازف.
أشجار الزيتون تموت واقفة كما هو الحال الفلسطيني.
الجدب العربي أسكت كلام الأرض، وطوق الحصار جعل «في كل مئذنة حاوٍ ومغتصبُ»
والقدس القديمة تروي المأساة الحقيقية:
«فارس يغمد في صدر أخيه خنجره باسم الوطن، ويصلي لينالَ المغفرة «...!!
*****
.. في لبنان.. ترمّدت مواويل «عتابا وميجانا» على أغصان الأرز، واستمطر الدمع «الجبل» و «جعيتا» على وقع كارثة المرفأ..
وشجن صوت فيروز يرثي لبنان، وحزب الله مازال ينثر سطوة الدم، ويستبيح الجمال بوجه النيروزي القبيح...!!
*****
..وإلى هناك.. استشرف الشمس، فوجدها أصيلاً يبكي الغروب على ضفتي الرافدين.
تراءى لسامراء وللنخيل وللشط ولعيون المها بين الرصافة والجسر.
بحث عن دار الحكمة ودُور الورَّاقين وشرفات قصر الرشيد.
أرخى سمعه للمقامات العراقية..
لكن عراق (السياب) تغرّب وابتعد..
«البحر أبعد ما يكون
وأنت أبعد ما يكون
والبحر دونك ياعراق» .
كل شئ قد تلظّى واحترق، لكن أنفاس البياتي والرصافي مازالت تسكن وجه بغداد....!!
*****
.. الغرباء أحرقوا الأرض والبشر، وكسروا كبرياء التاريخ..
والعرب مزقوا إرثهم وذواتهم ووجوههم ووهنوا أو رحلوا.
لم يُبكهم إلا النوارس والأرصفة، وحنين إلى «هم شرقي» مازال يستوطن الضلوع...!!
*****
.. ولكي يعود ذلك الحلم الجميل، ابحثوا لنا في دفاتر هوياتنا عن وجه ذلك العربي الأصيل، علّنا نستطيع أن نقتلع هذا الطغيان، كما كنا نفعل في كل العصور...!!
حلمَ ذات ليلة أنه امتطى صهوة جواده، وراح يطوي القفر.
زادُه الشعرُ وأنيسُه الخيالُ ورفيقُه القمر.
عبرَ مضارب بني عبس، ومرَّ بطيّئ و»تعلّل» في ديار بكر، وحطّ رحاله في تغلُب.
شجاه بكائيات قيس وجميل، واستهواه وجهُ ليلى وبثينة.
اشتمّ رائحة الخزامى وتضوع بالهيل والليل وتراتيل الحادي، وهو يروي للقافلة تفاصيل فضاءات ديار العرب البواح، وأساطير فروسيتهم...!!
*****
.. في الصباح.. يوقظه ضجيج المدينة، ونور الشرفات، وواقع عربي مليء بالأوجاع والمآسي..
سافر معه في تفاصيل مريرة...!!
*****
.. البداية من هناك من اليمن الجريح.
على مشارف جبل النبي شعيب، عانق سمعه الفلكلور اليمني، «وامغرد بوادي الدور»، و «خطر غصن القنا»..
واشتم رائحة البن ومذاق العسل من وادي بنا، ووقف على باب اليمن، وبحث عن أبواب صنعاء السبعة فلم يجد غير كارثة إنسانية، ووجوه ميليشيا وموت ودمار.
تُرى هل أبصر البردوني الأعمى ما تعامى عنه المبصرون:
«أتدرين يا صنعاء ماذا الذي يجري..
تموتين في شعب يموت ولا يدري»
ثم أدار ظهره على وقع السؤال الصعب:
«هل تدري صنعاء الصرعى.. كيف انطفأت ومتى تنشر ؟»...!!
*****
.. حمل أوجاعه وخيالاته إلى شامة الشرق، «وعز الشرق أوله دمشق».
هاله الأشباح والموت والدمار، ووجوه «التغريب» التي دنّست طهر الأرض واستباحت دم الإنسان.
اجتر آهة، وقف على ضفاف بردى
واستعاد من محاجر «شوقي» سلامه ودموعه.
وناجى: أين النواعير والقدود والقلعة؟.
هل غابت وجوه بني أمية من (فيحاء) التاريخ؟
ضجت مآذن الجامع، واستصرخت من مدافنها دمشق:
«وللأوطان في دم كل حر
يد سلفت ودَين مستحق»
*****
.. واصل خياله رحيله الى الأرض التي سكنت روحه وجسده، الى الوطن الذي وسمه (درويش): (بأم البدايات وأم النهايات)، فلسطين الجرح النازف.
أشجار الزيتون تموت واقفة كما هو الحال الفلسطيني.
الجدب العربي أسكت كلام الأرض، وطوق الحصار جعل «في كل مئذنة حاوٍ ومغتصبُ»
والقدس القديمة تروي المأساة الحقيقية:
«فارس يغمد في صدر أخيه خنجره باسم الوطن، ويصلي لينالَ المغفرة «...!!
*****
.. في لبنان.. ترمّدت مواويل «عتابا وميجانا» على أغصان الأرز، واستمطر الدمع «الجبل» و «جعيتا» على وقع كارثة المرفأ..
وشجن صوت فيروز يرثي لبنان، وحزب الله مازال ينثر سطوة الدم، ويستبيح الجمال بوجه النيروزي القبيح...!!
*****
..وإلى هناك.. استشرف الشمس، فوجدها أصيلاً يبكي الغروب على ضفتي الرافدين.
تراءى لسامراء وللنخيل وللشط ولعيون المها بين الرصافة والجسر.
بحث عن دار الحكمة ودُور الورَّاقين وشرفات قصر الرشيد.
أرخى سمعه للمقامات العراقية..
لكن عراق (السياب) تغرّب وابتعد..
«البحر أبعد ما يكون
وأنت أبعد ما يكون
والبحر دونك ياعراق» .
كل شئ قد تلظّى واحترق، لكن أنفاس البياتي والرصافي مازالت تسكن وجه بغداد....!!
*****
.. الغرباء أحرقوا الأرض والبشر، وكسروا كبرياء التاريخ..
والعرب مزقوا إرثهم وذواتهم ووجوههم ووهنوا أو رحلوا.
لم يُبكهم إلا النوارس والأرصفة، وحنين إلى «هم شرقي» مازال يستوطن الضلوع...!!
*****
.. ولكي يعود ذلك الحلم الجميل، ابحثوا لنا في دفاتر هوياتنا عن وجه ذلك العربي الأصيل، علّنا نستطيع أن نقتلع هذا الطغيان، كما كنا نفعل في كل العصور...!!