كتاب

من أرشيف الماضي

في منتصفِ التسعينيَّاتِ الهجريَّةِ، تعرَّضتُ لوعكةٍ صحيَّةٍ مفاجئةٍ، ذهبتُ على إثرهَا إلى المستشفَى، كانَ الوقتُ حينهَا ليلًا، وفي قسمِ الطوارئِ، تمَّ فحصِي مبدئيًّا، وأُعطيتُ مغذيَّة ريثمَا يحضرُ الطبيبُ المختصُّ، وبعدَ حضورهِ وإجراءِ الفحصِ قرَّر تنويمِي وإعطائِي بعضَ الأدويةِ الأوليَّة ريثمَا تستكملُ الفحوصاتُ، وفي اليومِ التَّالي وبعدَ استعراضِ الطبيبِ المختصِّ للفحوصاتِ بشَّرني أنَّ النتائجَ مطمئنةٌ، وكانتْ مجرَّد حالةٍ عدَّت بسلامٍ، وتحدثُ لكلِّ إنسانٍ، وستبقَى معنا لبضعةِ أيَّام زيادةص في الاطمئنانِ.

وقبلَ خروجِي من المستشفَى جرتْ بينِي وبينَ طبيبِي المعالجِ أحاديثُ شتَّى شملت الطبَّ والأدبَ والصحافةَ، اتَّضحَ لي من خلالهَا أنَّه من عشَّاقِ الأدبِ ولديه ثقافةٌ عاليةٌ وإطلاعٌ واسعٌ في مجال ذلكَ، فكانَ من نصحهِ لي فيمَا يتعلَّق بالقلبِ وأمراضِه العديدَ من النصائحِ لا تتَّسعَ مساحةُ النشرِ لذكرهَا، ومن أهمِّها تجنُّب الإرهاقَ بشمولهِ الواسعِ، والترويحِ عن النفسِ حِلًّا وترحالًا، وغيرهَا من الأمراضِ الحسيَّةِ والجسميَّةِ، والتي لا تخفَى على كلِّ ذي لبٍّ.


ومن وسائلِ الترفيهِ المشمولةِ بهَا غُرفُ المرضَى وجود جهازِ تلفزيون في كلِّ غرفةٍ، وخلال مشاهدتِي حلقةً من برنامجِ مسرحِ التلفزيونِ السعوديِّ في بدايةِ النهضةِ، شاهدتُ أحدَ مطربيِنَا الشَّباب وهو يشدُو بأغنيةٍ شعبيَّةٍ تبدأ كلماتُهَا بـ(قلبي المجروح ما حصل دواه) فاستوحيتُ منها قصيدةً خياليَّةً لا تمتُّ للواقعِ بِصِلَةٍ بعنوان (جراح قلب) أهديتهَا لطبيبِي في جلسةٍ وداعيَّةٍ قُبيل مغادرتِي للمستشفَى، من أبياتِهَا:

يا طبيبَ القلوبِ هلْ من دواءِ


لقلوبٍ تُعانِي من جروحٍ عديدةٍ؟!

كلَّما طابَ جرحٌ تلتهُ جروحٌ

داوِهَا يَا طبيبَ القلوبِ بالعلومِ المفيدةِ!

فردَّ عليَّ مداعبًا: أنا لستُ بشاعرٍ فأردُّ عليكَ لكنَّني أتذوَّقُ الشِّعرَ، وأحبُّ الاستماعَ لجميلهِ، ومجالسةِ مبدعيهِ، ولكنَّني أُبادلكَ بمَا هو أبلغُ تأثيرًا ودواءً ليس للقلوبِ فحسبْ، بل لكلِّ ما يُصيبُ الإنسانَ في حياتهِ من أمراضٍ جسديَّةٍ وحسيَّة ألا وهُو التَّداوي بالقرآنِ الكريمِ والتحصُّن بالأذكارِ المأثورةِ بكرةً وعشيَّةً ففيهمَا أنجعُ دواءٍ لكلِّ داءٍ -بإذنِ اللهِ-.

قلتُ: صدقتَ وخيرٌ ما قلتَ؟!

* خاتمة:

كانتْ هذه خطراتِ فكرٍ عادتْ إلى ذاكرتِي خلالَ فترةٍ أمضيتهَا على السَّريرِ الأبيضِ في أحد المستشفياتِ في حقبةٍ ماضيةٍ، لكنَّها ظلَّت عالقةً بفكري، فأحببتُ عرضَهَا لعلَّ فيها مَا يُوجبُ المتعة والفائدة.

أخبار ذات صلة

إدمان السعوديين والمقابر الإلكترونية!
الشَّفط الفظيع في الشفا البديع..!!
أبراج المراقبة والسلامة الجوية
عباءة الدِّين أصبحت مشاعة!
;
حيرة و(تيهان) حول (هياط) ابن كلثوم
الأكذوبة الكبرى التي يعيشها العالم اليوم!
تخطيط القلب
«القواعد من النساء».. بيولوجيًّا أو اجتماعيًّا؟!
;
إذا تبغون سعودة حقيقية؟!
الفتى الطائر في جامعة الأعمال
حرِّر تركيزك.. لتُتحرِّر شخصيتك
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (2)!
;
الرؤساء التنفيذيون.. ومُلَّاك الأسهم
المشجع التَّابع.. و«أم الصبيان»
النفس.. إلى وطنها توَّاقة
المتحدِّث الرسمي!!