محاكمة وزير .!

لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية يتم إعفاء وزير من منصبه وفي نفس الوقت يتم تشكيل لجنة لمحاكمته لمعرفة مدى تجاوزه للنظام ومدى الضرر الذي ألحقه بتصرفاته على وزارته وعلى الإخلال بالسلوك الإداري المطلوب والمتوقع من رجل دولة بعد أن مُنح الثقة وأوكل إليه منصب هام مثل منصب وزير الخدمة المدنية.

ولعلنا في هذا المقام نتجاوز التركيز على الشخص ونركز على الفعل في حد ذاته ،لأن ممارسة السلطة تقليد تحكمه وتحميه ثوابت ومعايير نظامية ،ومتى ما استهين بها فُقدت الثقة وشاع الفساد وساء التصرف.


كما أن العبرة ليست بحجم الضرر المادي ولا بقرابة العلاقات الشخصية ولكن بسوء الممارسة والاستهتار بالأنظمة وحصانة المنصب واستغلال الثقة. وبعد هذا فإن من حق الشخص المعني أن يُعطى الفرصة للدفاع عن نفسه وأن يُمنح الحصانة القانونية خلال فترة المساءلة أخذًا بمبدأ «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».

توظيف الأقارب والوساطات من التصرفات الشائعة في كل المجتمعات ولكنها مذمومة أيضًا في كل الأعراف خاصة عندما يكون فيها ظلم لمستحق حُرم من فرصة كان الأولى بها وأُعطيت لقريب بأقل قدر من المؤهلات والإمكانات الوظيفية.


وزارة الخدمة المدنية مناط بها صيانة تنفيذ أنظمة التوظيف وشروط التوظف بعيدًا عن التحيز لهذا أو ذاك، ومع ذلك فالتجاوزات تحصل ولكن أسوأها عندما يكون الرجل الأول في الجهاز متورطاً فيها وهذا ما يشار إليه في الحالة التي أمام العدالة والرأي العام في الوقت الراهن.

في بعض الأحاديث مع بعض المهتمين بالشأن العام ورد أن هناك أمثلة كثيرة ينسحب عليها نفس المنطق ،وإذا أخذت الحالة قاعدة تتبع فإن هناك أعدادًا كثيرة ممن وقعوا في نفس المطب ،فهل تعود عجلة الزمن إلى الوراء ويتم استدعاؤهم للاستجواب أم أن البداية من اليوم وما فات مات؟!.

المجتمعات تتعلم من أخطائها والعبرة في أن لا تتكرر الممارسة وإذا كان هناك وضع مشابه في الوقت الراهن وفي إدارات أخرى فينبغي أن يوضع في نفس الموقف الذي وضع فيه وزير الخدمة المدنية وما فاز قوم ضاع الحق فيما بينهم.

أتمنى أن يقفل باب النقاش في موضوع محاكمة وزير حتى يصدر الفصل فيها بالطرق النظامية حماية لكرامة الشخص وأسرته وحفاظًا على جوهر العدالة في مساءلة أي شخص عن مخالفات نظامية ارتكبها بقصد أو عن غير قصد.

ونحن الحمد لله مجتمع ودولة نسير على نهج العدالة وولي الأمر يحضنا باستمرار على ذلك بالممارسة والقدوة.

وأختم بالقول إن المهم في تناول الموضوع الشفافية التامة والإفصاح عن كل تفاصيل التجاوزات لأن الحدث أصبح له أبعاد مستقبلية محليًا ودوليًا حتى وإن كان شأنًا محليًا صرفًا ولكن العالم يراقب كل ما يجري في المنطقة ويستخدمها كمؤشرات على جدية الإصلاح الإداري والانتقال إلى العالم الأول بكل ما يترتب على ذلك من خطوات إدارية وتنظيمية وحقوقية.

أخبار ذات صلة

التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
;
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»
رسائل مزعجة جداً!!
;
قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!