تجديد الآمال بشيء من الخيال

الخيال هو عمليّة عقليّة يتم من خلالها استحضار الذكريات وتكوين الصور والتحكم فيها وتكمن أهمية الخيال في أنه يُساعدنا على تحسين حياتنا فنحن نتخيل الطريق قبل أن نسلكه ونتخيل الخيار قبل أن نعتمده والفكرة قبل أن نتبناها والمعلومة حتى نستوعبها والقصة لكي نغوص في تفاصيلها والكوارث والمخاطر حتى نتجنبها والمسرّات والجوائز حتى ننالها وعندما يبدأ أحدهم حديثه بكلمة (تخيّل) كأنه يُريد منك مُشاركته في رواية المشهد أو القصة وبقدر ما تكون ملَكة الخيال لديك قوية بقدر ما تستوعب الشخصيات والأماكن وتتفاعل مع المشاعر والأحداث.

والخيال نمط سلوكي فطري لدى الطفل فإذا تعاملنا معه بإيجابية طورناه وانطلق وإذا تعاملنا معه بسلبيّة قتلناه وانطفأ وهو مهم جداً لنموه العقلي والعلمي والعاطفي ومن أهم الأمور التي تعمل على تدريب وتطوير مهارة التخيّل لدى الطفل هي قراءة القصص فهو يبدأ بتخيّل أبطال القصة ويحكم على تصرفاتهم ويستنتج خطواتهم القادمة ويتفاعل ويتواصل حتى يُصبح لديه رصيد جميل من الخيال والتصوّر أما من يُهمل قراءة القصص للأطفال ويتركهم ضحايا للأجهزة والتلفاز فقد قضى على ملكة الخيال لديهم لأن القصص هُناك تتحول إلى أفلام كرتونية ومسلسلات ويقتصر دور الطفل على التلقّي والمُشاهدة وكأن عقله ناقص ويحتاج للمُساعدة وبالتالي يبدأ بفقدان مهارة التخيّل التي لولاها لما اخترعنا ولما اكتشفنا فالأفكار العظيمة والمشروعات الضخمة ما هي إلا نتيجة لخيالات داعبت ولاعبت عقول أصحابها.

ومثلما أن للخيال دورٌ أساسي في الاختراع فكذلك هو الحال بالنسبة للفنون والإبداع فالشاعر والكاتب والرسّام والنحّات والمُمثل والمُخرج وغيرهم يرتبط إبداعهم بعلاقة طرديّة مع قدرتهم على التخّيل حتى أن عالماً كبيراً مثل (آينشتاين) قال: (الخيال أهم من المعرفة). وهنا نتساءل أليس غريباً أن تصدر هذه المقولة من عالِم لا يعترف إلا بالعلم والمعرفة والجواب أنه مؤمن بقوة التخيّل وأنه الشرارة الأولى لكل اختراع وإبداع ولأن المعرفة محدودة مُقيّدة أما الخيال فيتجاوز الحدود ولا يعترف بالقيود.

لذلك على كل صاحب مشروع ثقافي أو علمي أو اجتماعي أو حتى تجاري أن يتمتع بسعةِ خيالٍ عالية بحيث يبدأ مشروعه وهو يراه مكتملاً شامخاً في خياله.