الجنس الناعم والقوة الناعمة

غالباً ما توصف المرأة في العالم العربي بكلمة «الجنس الناعم» تعبيراً عن رقتها وحنانها ولطفها، وواقع الأمر المؤسف هو أن أجزاء كثيرة من ذلك العالم العربي اختزلت -لسبب أو لآخر- صورة المرأة بشكل شبه كامل في تلك «النعومة» الشكلية غير المنصفة، لدرجة جعلته يعجز عن رؤية ما لدى تلك المرأة من «قوة ناعمة» دولية فائقة التأثير والإقناع، قوةٌ أدواتُها الرئيسية هي الثقافة والمعرفة والطلاقة وسرعة البديهة والثقة بالنفس.

ووفقا للبروفيسور جوزيف ناي فإن القوة الناعمة هي القدرة على التأثير عبر الإقناع دون الحاجة لاستخدام الإكراه أوالإغراء المادي، ويعتبر ناي هذه القوة أحد أهم أدوات النفوذ السياسي على الصعيد الدولي وتأمين السياسة الخارجية للبلد وأحد أهم وسائل نجاح الدول في العلاقات والسياسة الدولية.


هذه الحقيقة المتمثلة في القوة الناعمة للمرأة تجسدت أمامي مؤخراً خلال ندوة عُقدت في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في باريس، عنوانها «دور المرأة السعودية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ضمن رؤية 2030»، تحدثت خلالها ثماني سيدات سعوديات بمهارة واقتدار وبمزيج من اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، ووسط حضور كبير من النخب الثقافية والسياسية والإعلامية من مختلف الجنسيات. هؤلاء السيدات هن: دكتورة مها المنيف، دكتورة آمال المعلمي، دكتورة ريم أسعد، دكتورة غادة العريفي، دكتورة منيرة جمجوم، دكتورة نوف النمير، أستاذة عبير أبو سليمان، إضافة إلى مديرة الحوار الدكتورة أفنان الشعيبي.

كل كلمة تم إلقاؤها من قبل هؤلاء المشاركات على ذلك المنبر الدولي الهام تستحق في الواقع أن يفرد لها وحدها مقالٌ على أقل تقدير، غير أن ما يعنيني هنا هو النتيجة النهائية للندوة من حيث التأثير والإقناع، وهو الأمر الذي كان من السهل ملاحظته من خلال التصفيق الحار للحضور وتعليقاتهم الإيجابية وثنائهم على المتحدثات وما يقمن به من دور هام لخدمة بلدهن في كافة المجالات من تنمية وتعليم واقتصاد وصحة ورعاية للأسرة، وغير ذلك. لقد تمكنت المشاركات من تقديم صورة رائعة ليس فقط للمرأة السعودية، بل وقبل ذلك للمملكة العربية السعودية بشكل عام وما تشهده من تطور وتغيرات مذهلة على كافة الأصعدة.


هذه القوة الناعمة للمرأة السعودية كانت في حوزتنا لعقود طويلة، لكنها كانت شبه معطلة في كثير من جوانبها، ولا زال البعض للأسف الشديد يحاول إيقاف مسيرتها ومواصلة تعطيلها عبر وضع العراقيل أمامها، ومن ذلك إعاقة تمكينها من العمل القيادي في المنظمات الدولية رغم امتلاكها لكافة المؤهلات اللازمة لذلك.

إن حاجتنا اليوم هي أكثر من أي وقت مضى لمشاركة المرأة السعودية في مبادرات وإستراتيجيات الدبلوماسية العامة بكافة مستوياتها، باعتبارها الأقدر دون سواها خلال هذه المرحلة على تحقيق الأهداف المرجوة من تلك المبادرات والإستراتيجيات.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!