جاسمنا الصحيّح: قِبلةُ الشعرِ .. وقُبلتُه..!!

يمكن لنا أن نطمئن لوضع شاعرنا، شاعرِ الوطن، جاسم الصحيّح بجوار عظماء الفصاحة في العصر الحديث؛ أعني الجواهري، والسياب، والبردوني، وقباني، ودرويش والثبيتي وغيرهم من أمراء الكلام. وقد استحق الصحيّح مكانته هذه بجدارة بعد سنين من المثابرة والتواضع أمام ملكوت الشعر، والبعد عن الثرثرة، والسعي الحثيث والمستمر لتطوير أدواته وتجربته الشعرية، ومواجهة التحديات والعقبات؛ فالصحيّح مثلاً ليس متخصصاً- كما تعلمون- وهذا ليس شرطاً في الكتابة بلا شك، كما أن نجمه بدأ يسطع في زمن تراجع وهج الشعر، بالإضافة إلى مراهنته على الشكل العمودي الذي يغلب كثيراً على نصوصه، دون أن تشعر-وأنت تقرأه- أن الصحيّح مقلّد، أو أن شعره ينتمي لجيل غير جيله، أو لشاعر غيره... وهذه - في ظني - أكبر التحديات التي انتصر فيها الصحيّح، إذ نجح في نحت صوت شعري يميّزه، ويجعل الأبياتَ والنصوصَ تشير إليه دون أن نضطر للسؤال عن صاحبها... تماماً كما كان لنزار ودرويش والثبيتي أصوات تميزهم وتشير إليهم. من هنا رأت نورة القحطاني في كتابها (العتبات في شعر جاسم) أن موهبة الصحيّح «جعلته من الشعراء الذين يشار إليهم بالبنان».

مثابرة الصحيّح وذكاؤه يظهران بوضوح أيضاً في تعامله مع الإعلام الجديد الذي أضحى أحد نجومه المشاهير، إذ لا تكاد تخلو منصة إعلامية من حضوره أو تأثيره المباشر وغير المباشر على الجماهير. ويرى الناقد مصطفى جمعة في كتابه (شعرية الفضاء التقني)، أن الشاعر «إذا امتلك أدواته الشعرية كان عليه أن يتخيل، ولأن الشاعر في الفضاء التقني عليه أن يتخيل، فهو يحيي بذلك أساساً شعرياً لاغنى عنه، عندما يطلق ذهنه خيالاً، ويجعل فؤاده محلقاً في فضاءات ليست في السماء، وإنما في عالم افتراضي ممتد». وأعتقد أن الصحيّح أدرك هذه الحقيقة التي تخص العلاقة العضوية بين الشعر وعالم التقنية في فضاء التخييل المشترك لينطلق في خلق منحوتاته الشعرية وبث الروح فيها لتتلقفها الآفاق المفتوحة للفضاء التقني، وتلهج بها ألسن العشاق في كل مكان.


من هنا ليس من الغريب أن تتفتق تلك اللحظة التي تلتقي فيها أصابع الصحيّح بشفاه الأجهزة المتلهفة، عن نصوص مفعمة بالدهشة والصور الخلابة والأفكار الوجودية العميقة عمقَ الحب المعجون بتراب هذه الأرض ومائها

.


يحتلُّني ذئبُ الحنينِ، فإنْ دعا

‏داعي الغرامِ تَصَوَّفَتْ أنيابي

‏كلُّ الذين مشوا إليكَ تَنَفَّسُوا

‏وَلَهي، وجاؤوا يحملونَ عذابي

‏أنا في مشاعرِهِمْ أتيتُ، كأنَّما

‏لا فرقَ بين حضورِهِمْ وغيابي!

أخبار ذات صلة

أمير الشرقية يلتقي الكُتّاب
فيضٌ عاطر من صيد الخاطر
رصـــــــاص
متى تتوفَّر مصادر التمويل؟!
;
إسرائيل: كلب مجنون بدون أسنان
عسير.. أيقونة المصايف وعروس السياحة
الذهب الوردي السائل في المملكة
شارع سلطانة!!
;
الطبيب (سعودي).!
حين تغيب الرقابة ٣ مرَّات..!!
العالم المصري (مشرفة).. اينشتاين العرب!!
الأخلاقُ.. كائنٌ حيٌّ!
;
500 مليون دولار.. للقضاء على مرض شلل الأطفال
القصيدة الوطنية.. بدر بن عبدالمحسن
محمد بن سلمان.. القائد الاستثنائي ومنجزات وطن
الربيعة.. وشفافية الوزارة