جامعة المؤسس وإنجازات علمية وحضارية

مما لا شك فيه أن الاهتمام بالتعليم يمثل إحدى الركائز الأساسية والضرورية في نهضة الأمم الحديثة، وبخاصة التعليم الجامعي، فالمتأمّل لما شهدته الدول الغربية من تطور ونهضة في كافة المجالات يجد أن الجامعات هي حجر الزاوية في نهضتها، والمرتكز الأول والأخير في تقدمها وتطورها المذهل، والذي نشهد ثماره ونواتجه في المخترعات الحديثة، والنظريات العديدة التي تكشف عن علو كعب هذه الجامعات، التي أصبحت مركزًا للبحث، ومثابة لأصحاب العقول المبدعة والمبتكرة، وإن كان لنا أن نخصص في ذلك فالمثال واضح في الجامعات العالمية العريقة مثل كمبردج وأكسفورد ومانشستر فكتوريا وأدنبرة ولندن، وغيرها من الجامعات العريقة التي ضربت بسهم وافر في المعرفة سواء في العلوم النظرية أو التطبيقية، وباتت مطمحًا لكل راغب في المعرفة، وباحث عن الدرجة العلمية المرموقة، ويكفي أن شهادة الدكتوراه لديها تحمل في أضاميمها معنى «الفلسفة» في العلم المحدد، والتخصص في فرع أو جانب منه، بمعني أن حامل هذه الشهادة «فيلسوف» وصاحب فكر أضاف جديدًا في الفن الذي تناوله بالبحث، وهي بهذا المفهوم تماثل ما عرفه العرب والمسلمون قديمًا بشهادة «الإجازة»، التي تعني أن حاملها قد أتقن الدرس، وأضاف جديدًا في المعرفة، على نحو ما هو معروف عند علماء الأمة الكبار أمثال: الأئمة الأربعة، والإمام الغزالي والشاطبي، وابن رشد وابن الهيثم والرازي وابن سينا، وغيرهم كثير.

وكاتب هذه السطور، العبد الفقير إلى الله، كمنتمٍ لجامعة المؤسس، الملك عبدالعزيز، طيّب الله ثراه، على مدى أربعين عامًا، قد عاصر جزءًا من نشأة هذه الجامعة العريقة، التي رأسها عدد من الأساتذة الكبار من أمثال أصحاب المعالي أحمد محمد علي، محمد عبده يماني رحمه الله، محمد عمر الزبير، عبدالله نصيف، رضا محمد سعيد عبيد، أسامة شبكشي، غازي عبيد مدني رحمه الله، أسامة صادق طيب، وانتهاء بالزميل الكريم معالي الدكتور عبدالرحمن اليوبي، فلقد ساهمت هذه الجامعة من خلال توجيه ولاة الأمر والمسؤولين القائمين على إدارة التعليم العالي، في النهضة العلمية في بلادنا، أسوة بالجامعات السعودية الأخرى. وشهدت أروقتها عددًا من المؤتمرات، يأتي في مقدمتها المؤتمر الأول للأدباء السعوديين، ومؤتمر الاقتصاد الإسلامي، ومؤتمر التعليم. وغير ذلك من المؤتمرات الأخرى. كما فازت فيها كليات بجوائز عالمية من أمثال: كلية الهندسة، وكلية تصاميم البيئة، وغيرهما. وتخرَّج فيها عدد كبير من الطلاب المنتظمين والمنتسبين، الذين عملوا في بناء وطنهم وأمتهم ومجتمعاتهم.


وتكتسب الجامعة أيضًا أهميتها بتوسطها بين المدينتين المقدستين؛ مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، الجامعتين الأُوليَيْن في تاريخنا الإسلامي، مما رسخ منهج الوسطية والاعتدال والتسامح من خلال سلوكيات العلماء الأجلاء الذين كانت تنعقد دروسهم العلمية في مختلف التخصصات في ساحات المسجدين المقدسين.

وإذا كانت هذه الجامعة ذات بنية علمية قوية فإن معالي الزميل اليوبي قد أخذها إلى آفاق علمية بعيدة، وجعل لها مكانة علمية مرموقة في العالمين العربي والغربي، ويشهد على ذلك محافظتها على المركز الأول عربيًا لعام 2018م في تصنيف مؤسسة التايمز للتعليم العالي السنوي للجامعات، بما ينهض دليلاً قويًا على الأهلية العلمية والإدارية التي يتمتع بها الزميل اليوبي، وقد عرفته عميدًا لكلية العلوم ثم وكيلاً للجامعة عن جدارة واستحقاق، في حقبة معالي الصديق الدكتور غازي عبيد مدني، أسكنه الله فسيح جناته. وإضافة إلى تمرُّسه في العمل الإداري يتمتع اليوبي بأخلاق حميدة، يزينها تواضع جمّ وحسن تعامل مع زملائه وأبنائه الطلاب، معطيًا المثال والقدوة لمن يتنسم العمل العام وبخاصة في الجامعات. وأضيف شهادة لا أرجو أو أبتغي من ورائها ثناء أو حمدًا مفادها أن من ميزات هذا الإنسان هو حسن اختياره لوكلائه وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام ومديري المراكز البحثية، الأمر الذي ظهر أثره في روح التناغم والانسجام الذي تتميز به هذه الجامعة الفتية.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!