«والجار ذي القربى»

سُئِلَ أحد الشعراء قديماً عن سبب بيع داره بثمنٍ بخس، فقال:

يلومونني أن بعت بالرخص منزلي


ولم يعلموا جاراً هناك ينغّص

فقلت لهم: كفوا الملام فإنما


بجيرانها تغلو الديار وترخص

من أجل ذلك شرع الإسلام نظاماً فريداً يضمن به زيادة لُحمة وتكاتف المجتمع المسلم وتراحمه، وشرع كذلك الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع الإسلامي بتكويناته المختلفة، فقد جعل الله سبحانه وتعالى للجار حقوقاً شرعية على جيرانه، فإذا تقيَّد والتزم بها الجيران فيما بينهم، سادت بينهم روح الألفة والمحبة والتسامح وأصبح المجتمع مثالياً متميزاً عن غيره من المجتمعات، فالجار هو الأقرب لجاره وأكثرهم معرفة به، وهناك الكثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة تحث على التعامل الحسن بين الجيران، قال تعالى في سورة النساء: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا). وكما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً أنه قال: (مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره)، كل هذا يُبيِّن فضل إكرام وحسن معاملة الجار لجاره، والتي هي من كمال الإيمان وتمامه، فحتى العرب قبل الإسلام كانوا يتفاخرون بإكرام الجار ورعاية حقوقه، وجاء الإسلام مؤكداً على تلك الحقوق.

ما دعاني للكتابة عن حقوق الجار ما ذكره لي أحد الأصدقاء عمّا كان يُعانيه من الأذى وسوء المعاملة والعنصرية والعياذ بالله من بعض جيرانه في الحي، أدى به ذلك لعرض داره للبيع بثمنٍ بخس هرباً من سوء المعاملة التي يلقاها، والطريف في الأمر -والكلام للصديق- أنه في أحد الأيام قابل بالصدفة أحد جيرانه الذي كان يُضايقه، وإذا به يطلب منه العفو والسماح عن ما بدر منه من سوء المعاملة عندما كان يقطن معهم في الحي، وذكر له ما يُعانيه سكان الحي حالياً من الجار الجديد الذي اشترى الدار منه قائلاً له: إن جميع جيرانه في الحي يُعانون من الساكن الجديد وسوء تعامله معهم، وأنهم لو كانوا يعلمون سلفاً لدفعوا له ثمن الدار على أن يبقى معهم في الحي، مضيفًا أن أغلب سكان الحي يُفكِّرون جدياً في ترك الحي نتيجة لسوء تعامل الجار الجديد معهم.

سبحان الله الجزاء من جنس العمل كما يُقال، تعاملوا بسوء مع جارهم فشربوا من نفس الكأس، وصدق القائل: الجار قبل الدار.

أخبار ذات صلة

لصوص (المساجد).!
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
;
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
;
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!
حديث القلب.. من ولي العهد
رؤية الحاضر للمستقبل
عام ثامن لرؤية مباركة
;
تعزيز منهج تعليم الخط العربي
الحُطيئة يهجو نادي النصر
الوعي.. السلاح الخفي!!
الكلمات قد ترسم المسارات..!