رمضان.. شهر زيادة العبادات وإقلال النفقات

عانى غالبيَّة شعوب العالم من الأزمة الاقتصاديَّة التي انفجرت في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة عام 2008 متسبِّبة بإفلاس العديد من البنوك والبيوتات التجاريَّة في معظم دول العالم. وصاحبها تدهور أسواق البورصة، الأمر الذي أدَّى إلى فقدان المضاربين معظم أسهم استثماراتهم لصالح فئة من المتحكِّمين بدورة رأس المال العالمي. وهذا واقع ملموس يفرض على كلٍّ منَّا ضبط الوارد من النقد وترشيد إنفاقه، مكتفين بشراء الضروري والعاجل من لوازم البيت، ومتقيِّدين بميزانيَّة شهريَّة تشترك فيها الزوجة مع زوجها في وضع بنودها لتغطِّي تسديد النفقات الدوريَّة من استهلاك الماء والكهرباء والهاتف الثابت والهواتف الذكيَّة وأقساط السيَّارة وثمن المحروقات وإيجار السكن لمن لا يملكون مساكن ويقطنون بالإيجار، إضافةً إلى بند رواتب العمالة المستوردة للخدمة داخل البيت، ولسائق يتولَّى نقل الأطفال إلى مدارسهم صباحًا والعودة بهم مساء، ومصاحبة ربَّة الأسرة لتأمين لوازم البيت من الأسواق التقليديَّة، إذ ما يزال هناك من السعوديَّات من لم يحصلن على رخص قيادة المركبات.

ومن جميل الصدف أنَّ شهر رمضان المبارك على الأبواب. وهو شهر الاستثمار في العبادة والاقتصاد في الإنفاق، نستغني في أيَّامه عن وجبة الغداء الرئيسة المكلفة، ونكتفي بسحور من حواضر البيت مع لقيمات من الفول المدمَّس وقطعة من التميس أو الشريك، وفكِّ الريق على حبَّات من التمر وكأس من الماء ومثله من العصير أو اللبن، و زبديَّة شوربة، وقطعة سمبوسك أو ما شابهها من المعجَّنات مع طبق سلطة، مبتعدين عن الأطباق الدسمة والحلويات المشبعة بالسمن والسكَّر. فالصيام يتطلَّب نمطًا خاصًّا في الأكل ليُريح المعدة من وجبات مارست هضمها على مدى أحد عشر شهرًا قد تُسبِّب العديد من الأمراض كالضغط والسكَّر والقلب والجهاز الهضمي، فلا أقلَّ من أن نعطي أبداننا إجازة شهر واحد في السنة من تناول الأطباق الدسمة. وحبَّذا لو خصَّصت القنوات الفضائيَّة التي تتنافس في تقديم مسلسلات التسلية على مدى ساعات الليل والنهار في شهر القرآن وعبادة الرحمن، فتخصِّص ساعات قليلة من الليل والنهار لبرامج تثقيف الأسرة وإرشادها طرق الاستفادة من الشهر المبارك في العبادة وطاعة الخالق، وفي ترشيد طعامها وشرابها بما ينقِّي الأبدان من ترسُّبات الأكلات الدسمة، وتدريبها على تناول طعام صحِّي خفيف على المعدة وعلى الجيب.


ومن محاسن الصدف أنَّ الكسوة الجديدة من الملابس لم تعد وقفًا على قرب حلول عيد الفطر كما كانت عليه أيًّام الطفولة، فالأسواق اليوم متخمة بالمراكز التجاريَّة ومعارض الملبوسات على مدى أيَّام السنة، ولدى الكبار والصغار من الملابس ما يزيد كثيرًا على الحاجة.

وأختم بتقديم التهاني مُقدَّمًا بالشهر الفضيل الذي يترقَّبه الكبار والصغار وتغتنمه الجدَّات والأمَّهات للدعاء للأحفاد والأبناء بالهداية والصواب والتوفيق والنجاح لما يُسعدهم في دنياهم وآخرتهم. إنَّه شهر إقلال في النفقات وزيادة في العبادات.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!