طالبو الزمالة في فن المقالة!

قَبْل فَترَة، نَظَّم مَعهد «يُونَا» للتَّدريب، دَورَة بعنوَان: «فَنّ المَقَالَة الصَّحفيَّة»، وتَشرَّفتُ بأنْ أَكون المُدرِّب فِي هَذه الدَّورَة، وقَد انبَهَرَت عَيناي بقُدرة الحَاضِرين والحَاضِرَات، وسُرعتهم فِي التقَاط الدَّرس، ومَا هِي إلَّا أَيَّام، وإذَا بِي استقبِل طُلَّاب الأَمس، وهُم يَحملون فِي أَيدِيهم مَقَالَاتهم، مُعلنين عَن انتقَالهم مِن مَرحلة الطَّالِب؛ إلَى مَرحلة الزَّمَالَة، وحَتَّى لَا أُبَالغ، دَعوني أَحتَفي وإيَّاكم بمِيلاد كَاتِب سَاخِر، كَان مِن ضِمن الحضُور، اسمه «عبدالرحمن الشنه»، حَيثُ أَرسل لِي مَقالًا بعنوَان: (احرصُوا عَلَى مَشَابيك الإحرَام)، يَقولُ فِيهِ:

(فِي ذَات يَوم، ذَهَبتُ للعُمرَة عَلى نيّة وَالدتي -غَفر الله لَهَا- والتي لَم تَكُن تَكاد تَدعو الله؛ دُون ذَلك الدُّعَاء: (اللهم استرنَا فَوق الأَرض، وتَحت الأرض، ويَوم العَرض).. ولَم أَكُن أُعير ذَلك الدُّعاء أَي اهتمَامٍ، كاهتِمَامي بأَدعيَة أخرَى؛ أَتقرَّب بِهَا إلَى الله..!


وبَعد أَنْ وَصلتُ إلَى مكَّة المُكرَّمة، وبَعد عَنَاء السّفر ومَشقّته، سَوَّلت لِي نَفسي أَن أَبدَأ بالعُمرَة أوَّلاً، للتَّخلُّص مِن الإحرَام، خَوفًا مِن الوقُوع فِي مَحظُورَاته، وبَعدهَا استَأجِر لِي مَخدعًا يَأويني، وبَدأتُ عُمرتي حَتَّى انتَهيتُ مِنهَا، ولَكنِّي حِينهَا قَد بَلِغَ منِّي التَّعب مَبلغه، فلَا أَكَاد أَفتَح عَينَاي مِن النَّوم، فسَوَّلت لِي نَفسي -أيضاً- أَنْ آخُذ قِسطًا آخَر مِن الرَّاحَة، وأَنْ أَكسر حِدّة النَّوم فِي الحَرَم، فصَعدتُ إلَى الدّور الثَّاني، واختَرتُ تِلك الزَّاويَة، التي لَم تَكُن مُزدحمَة بالمُعتمرين، فتَوسَّدتُ ذِرَاعي، ورُحتُ أَغط فِي النَّوم، ولَكنِّي ومِن شدّة البَرد، استيقَظتُ، فوَقعَت عَيني عَلَى سجَّادات الصَّلَاة، والتي كَان العُمَّال قَد رَصفوهَا بقُربي، فأَخذتُ وَاحِدةً مِنهَا، وحَشوت نَفسي بِهَا؛ كشَطَائِر اللَّحم المُقدّد، حَتَّى لَففتُهَا عَليَّ، وعُدتُ إلَى النَّوم، وبَعد بُرهةً مِن الزَّمن، أَحسَستُ بالتَّعرُّق، فبَدأتُ أَتخلَّص مِن تِلك السجَّادة وأَتدَحرَج، وبَعد أَنْ تَحرَّرتُ مِنهَا، بَدَأَتُ أَحس بنَسيم هَوَاء مُنعش يَجتَاحني، وأَنَا أقرض نَفسي ذَات اليَمين وذَات الشِّمَال، عَلَى ذَلك البَلَاط اليُونَاني الفَّاخِر، وإذَا بذَلك الرَّجُل يَركلني ويَقول: قُم استُر نَفسك، فاستَيقظتُ، وإذَا بِي لَم أَعُد أَرَى؛ بيَاض ذَلِكَ الإحرَام يَكتَسيني، وكَأنِّي يَوم وَلدَتني أُمِّي، فهَرعتُ مُسرعًا؛ أُلملم أَشلَاء إحرَامي فِي أَرجَاء المَكَان، ولَبستُ إحرَامي مُنتَقباً بجُزءٍ مِنه عَلى وَجهِي استحيَاءً، والآخَر حَول خَاصرتي يَسترني، وحِينهَا استَحضرتُ دُعاء أُمِّي، رَحمها الله: (اللَّهمَّ استرنَا فَوق الأَرض، وتَحت الأَرض، ويَوم الَعرض).. (انتَهَت المَقَالَة)!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!


بَقي القَول: يَا قَوم، هَذا «عبدالرحمن» وهَذا مَقَاله، فمَاذَا أَنتُم قَائِلُون..؟!!

أخبار ذات صلة

«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!
حديث القلب.. من ولي العهد
رؤية الحاضر للمستقبل
عام ثامن لرؤية مباركة
;
تعزيز منهج تعليم الخط العربي
الحُطيئة يهجو نادي النصر
الوعي.. السلاح الخفي!!
الكلمات قد ترسم المسارات..!
;
التَّشهير بالمتحرِّشات
الهلال.. ونعمة الزواج!!
الإداريات والترقيات
من مشكلة إلى سياحة!!
;
أدب في الليث: صالون من الذكريات
كل إناء بما فيه ينضح
{... فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}؟!
أثر حرية التعبير على النهضة العلمية في الإسلام