الدهن البني إذا اشتد البرد

كنا في المدينة المنورة ونحن صغار إذا جاء الشتاء واشتد البرد نلجأ إلى إيقاد النار ولَم يكن في تلك الأيام ما ننعم به اليوم من وسائل التدفئة، حتى من يأتي مبكرًا إلى المدرسة من الطلاب يتجمع حول النار تلمسًا للدفء وكذلك من لديه موقد في البيت يلتف أهل البيت حوله بعد إشعال الفحم والحطب وكذا الأمر في الحارة خاصة ليلاً، فعندما يصبح الشتاء باردًا يواجه بالنار، وكم في الزمن الماضي البعيد مات ناس بسبب البرد الشديد.. وقد كان لنا جار سافر إلى تبوك فتعطلت به السيارة في الطريق ووجدوه ميتًا بداخلها من شدة البرد فالبرد الشديد يجمد الخلايا خاصة الأطراف وكلما زاد الرقم تحت الصفر كلما كان أثر البرد شديدًا على الإنسان.. وهنا سؤال علمي تجدر الإجابة عليه وهو لماذا بعض الحيوانات الثديية تتحمل البرد الشديد دون أن تميتها شدة البرد؟!

إن الله سبحانه وتعالى لطيف في خلقه خبير في صنعه (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فالإنسان منحه الله العقل يستطيع تدبير أمور تدفئته من خلال وسائل التدفئة وكذلك بعملية فرك اليدين ببعضها مما يؤدي إلى تدفئة الجسم بينما الحيوانات الثديية عند اشتداد البرد فإنها تلجأ أولاً للسكون وتقوم بتدفئة نفسها والمحافظة على درجة حرارتها ثابتة من خلال تواجد كمية كبيرة من النسيج الدهني بها Brown Adipose Tissue، معروف بيولوجيًا أن جميع أنسجة الجسم عند عملية الاحتراق ينتج عنها طاقة بالإضافة إلى انبعاث حرارة، وقد ثبت علميًا أن الدهن البني (الخلايا الدهنية البنية) هو الأكثر بين أنسجة الجسم الذي ينطلق عنه إنتاج كمية عالية جدًا من الحرارة كناتج أساسي لعملية الاحتراق مما يتسبب عنه ارتفاع درجة حرارة الجسم وهو بهذه الطريقة يعمل كجهاز تدفئة داخلي للجسم والسبب الرئيس في ذلك أن هذه الخلايا الدهنية البنية تحتوي على كمية كبيرة جدًا من الميتوكندريا التي هي أساسًا المصدر الأول في الخلايا للطاقة وهي في حالة هذا النوع من الدهن البني تستخدم أحماض دهنية كوقود (في الخلايا العادية يستخدم الجلوكوز أو أحماض دهنية بكمية أقل فينتج عن ذلك انبعاث حراري بسيط) فيتولد عن ذلك كميات كبيرة من الحرارة تنطلق من الدهون البنية إلى جميع أجزاء الجسم، ولعل الذي يحث الخلايا الدهنية البنية على هذا النشاط عاملان أولهما وفرة كمية كبيرة من الأوعية الدموية بالقرب من هذه الخلايا ولذلك كان سابقًا يعتقد أن تسميتها بالبنية لهذا السبب بينما هناك رأي حديث إنما سميت كذلك بسبب وجود كمية من الحديد بها، أما العامل الثاني فهو أنها مرتبطة بالكثير من الألياف العصبية التي سرعان ما تأخذ أوامرها بالعمل السريع عند التعرض للبرد المفاجئ لإنتاج الحرارة، ومن دقة خلق الله سبحانه وتعالى أن الطفل عند ولادته به كمية من مخزون الدهن البني حيث يحتاجه للتدفئة بعد أن يكون خرج إلى الحياة تاركًا رحم أمه الممتلئ بالدفء.. فلتعويض الدفء الحراري كان وجود الدهن البني.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!