كتاب

النهضة الثقافية تطرق الأبواب

في إطار مساعيها الجادة لرفد الساحة الأدبية والعلمية والثقافية بكوادر مؤهلة قادرة على قيادة البلاد نحو مراقي الإبداع والتميز، ورغبة في إيجاد بنية تحتية حديثة لتخريج عناصر مبدعة، تواصل وزارة الثقافة خطواتها المرسومة بدقة في برنامج الابتعاث الثقافي بإرسال دفعة من الشباب لأعرق الجامعات العالمية وأكثرها شهر وخبرة في هذا المجال.

خلال الأسبوع الماضي أعلنت الوزارة عن فرص للشباب للالتحاق بجامعات كولومبيا، وجورج تاون، والسوربون، وكارنيغي ميلون، وكاليفورنيا بيركلي، ونورث وسترن، وكلية لندن الجامعية، وكلية بارسونز للتصميم، ومدرسة مانشستر للعِمارة، ومعهد برات في أمريكا، وكلية رويال هولواي بجامعة لندن، وجامعة ولاية ميشيغان، مما يشير إلى العناية التامة لإلحاق الطلاب بالجامعات المتميزة النوعيّة ذات المعايير العالمية العالية.


ونظرة سريعة إلى قائمة التخصصات التي أعلنتها الوزارة تكشف عن حرصها العميق على إثراء كافة أوجه الحياة العلمية والفنية والأدبية، وتؤكد الرؤية الواضحة التي تسير عليها، والبرنامج المتكامل الذي تنوي تنفيذه، حيث تشمل الآداب واللغات واللغويات، وعلم الآثار، وفنون الطهي، وفنون العمارة، وصناعة الأفلام، والمكتبات والمتاحف، وتصميم الأزياء، والمسرح، والفنون البصرية، والتصميم.

هذا البرنامج الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ المملكة، سوف يساعد بالتأكيد على تعزيز المناخ أمام المبدعين، ويرفع قدراتهم ويصقل مهاراتهم عبر إخضاعهم لبرامج علمية ومحاضرات يشرف عليها متخصصون في تلك المجالات، إضافة إلى ما يوفره من فرصة ذهبية للاحتكاك بالمشاهير في تلك التخصصات.


الوزارة سوف تتولى تكاليف المشروع بالكامل، وتتحمل كافة نفقات المبتعثين، بما يشمل تكاليف الدراسة، والضمان المالي، ومصاريف المعيشة، ومتطلبات الرعاية الصحيّة، وتذاكر السفر، لكن ذلك الإنفاق سيكون مصحوباً بمتابعة لصيقة للطلاب، للتأكد من جديتهم وحرصهم على تلقي العلوم النافعة، وعدم إضاعة الوقت، حيث سيتم تقديم برامج إرشادية تركز على متابعة المبتعث وتقييم تطوّره الأكاديمي وتحصيله العلمي. لذلك فإن البرنامج لن يكون فيه مجال لغير الجادين، ولن يتم التسامح مع من يتصورون أنه نزهة.

من أبرز الملامح التي تسير الوزارة على هديها أنه غطى جميع مجالات الإبداع وأولى أهمية خاصة لتطوير البنية التحتية الثقافية والأدبية، حيث تم تحديد نسبة 55% من عدد المبتعثين لطلاب مرحلة البكالوريوس و44% للماجستير و1% للدكتوراه، مما يعني بوضوح الرغبة في تأسيس الطلاب على أرضية صلبة، كل بحسب مجاله، لينشأ وهو يمتلك كافة الأدوات التي تعينه على التفرد في تخصصه، وسيكون الباب مفتوحاً أيضاً لمن يدرسون حالياً على حسابهم في تخصصات مشابهة بالجامعات الغربية بحيث يتم إلحاقهم ورفع العبء المادي عن أولياء أمورهم.

كذلك فإن من أبرز مصادر قوة البرنامج هو أنه اعتمد على العلم أساساً لتخريج الكوادر البشرية، وليس مجرد رفع قدراتهم عن طريق التدريب، فالخريج الذي يعرف الأسس العلمية الصحيحة للكتابة والتمثيل والرسم وسائر فنون الإبداع لا شك أنه سيكون أكثر قدرة على الاستفادة من فرص التدريب التي سوف تتاح له مستقبلاً، لأنه يقف على قاعدة قوية وصلبة من المعارف والعلوم. وقد تعارف العالم على ما بات يعرف بمصطلح (صناعة الكوادر) التي تمزج بين العلم والتدريب، لذلك ركزت رؤية المملكة 2030 على تمكين الكوادر الشبابية والمواهب الوطنية من خلال رفع كفاءتهم بتعليم حديث وتدريب متطور.

ومع أن العلوم والآداب والثقافة من أبرز العناصر التي يقاس بها تقدم الشعوب والأمم، وتحديد مدى رقيها وحضارتها، إلا أن البعض تجرأوا في السابق وعملوا على تهميشها بفتاوى خاطئة أسفرت عن عزوف الشباب عن طَرق هذه المجالات، وامتنعوا عن دراستها ومجالاتها، وأدخلوا البلاد في ما يشبه العزلة الثقافية والانكفاء الأدبي، وهذه الحالة غير الطبيعية تحررت منها بلادنا في الوقت الحالي بحمد الله، حيث بدأت رحلة العودة القوية إلى المشهد الثقافي والأدبي من جديد، واستعادت ماضيها المزهر عندما كانت رائدة على مستوى العالم في معظم المجالات.

الرؤية التي تسير على هديها الوزارة سوف تؤدي إلى إحداث نهضة علمية وأدبية وثقافية متكاملة تنسجم مع ما تشهده بلادنا من تطور اقتصادي على كافة الأصعدة، وتغيير مجتمعي إيجابي، ورقي سياسي متواصل، وتطوير للمجال السياحي، ومشاريع عملاقة في كافة المناطق، لرفع قيمة الحياة وترقية مستوى المعيشة، حتى تكتمل اللوحة الرائعة التي عنوانها المملكة العربية السعودية.

ولا خلاف على أن مجالات الإبداع الإنساني التي تشمل الثقافة والفن والرسم والأدب ليست مجرد أدوات تسلية وأنشطة ترفيه، بل باتت أقوى أنواع أسلحة القوة الناعمة التي تستخدمها الدول والمجتمعات للترويج لصناعاتها ومواقفها السياسية وفرص الاستثمار الموجودة لديها، بل ومواقفها السياسية أيضا، كما أنها تحتل أهمية خاصة لتحصين الشباب والأطفال من محاولات الغزو الثقافي والتأثير الفكري، ولا بد أن نكون في مكان المنتج والفاعل بدلاً من البقاء في مقاعد المتفرجين.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!