كتاب

بلاييــــــــــن

أيام زمان، كُنَّا نتعامل بالأرقام الكبيرة بحرصٍ واحترام شديدين.. كان مصروفنا اليومي بالقروش، وبالتالي كانت للمائة مكانتها، وكانت للألف هيبة كبيرة جدا، وأما المليون فكان في الأحلام، وكان يقتصر استعماله على أعداد السكان، وميزانيات الدول الكبرى، وتقديرات خلايا الجراثيم، وما يشابهها.. ومع تطور الحواسيب، خفت موازين الملايين، وعرفنا كلمة «جيجا» بمعنى العملاق، ودخل علينا مصطلح «الجيجابايت»، بمعنى الألف مليون بثقله العجيب، فغيَّر المفاهيم.. أصبح البليون من الأرقام العادية في حياتنا، سواء كانت في عالم الكمبيوتر والاتصالات، أو حتى في عالم المال وقياس الثروات.

وقبل أن نتوغل في هذا الموضوع، أود أن أُوضِّح أن البليون يحتوي على طرفة حسابية مهمة. في بعض اللغات يرمز البليون إلى مليون مليون، وليس إلى ألف مليون.. يعني يفوق المعنى المعتاد بألف مثل.. ولذا فبعض الدول تستخدم كلمة المليار للإشارة إلى الألف مليون، تجنباً للبس الحسابي.. والبليون عندهم هو مليون مليون.. ومن تلك الدول ألمانيا، وفرنسا، وتركيا، وإسبانيا.. وأما البليون بمعنى ألف مليون فيُستخدم في الدول العربية، والولايات المتحدة، وانجلترا. وفي بعض الدول ترتقي لمكانة المليونير بسرعة عجيبة، ومنها إندونيسيا الشقيقة، حيث يبلغ سعر تحويل الروبية إلى الريال 3900 «روبية إندونيسية» تقريباً، وبالتالي تجد أن سعر سيارة جديدة متوسطة المواصفات ممكن أن يصل إلى البليون.


وأود أن نعرج على موضوع تكوين الثروات السريعة، فنجد أن إحدى أهم الصناعات البليونية هي صناعة الأسلحة.

ومن المفاهيم التي أشبعناها دراسة هي أن الصناعات الأولى التي حركت الثورة الصناعية بنهاية القرن الثامن عشر كانت صناعة الأنسجة، وصناعة المكائن البخارية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالقطارات الحديدية.


ولكن الواقع هو أن الصناعة الأولى التي أثَّرت على مسار الثورة الصناعية في بريطانيا بشكلٍ خاص، كانت صناعة الأسلحة. دخلت بريطانيا مجموعة من الحروب والنزاعات المسلحة المختلفة في مستعمراتها، بدءاً من نهاية القرن السابع عشر، وبالتالي كان التزايد السريع على الطلب على البنادق والمدافع، مما جعل مصانع الأسلحة في مدينة «برمنجهام» من أهم أقطاب التصنيع في العالم حينئذ. وأخص بالذكر مصانع «فارمر» و»لويد» و»جولتون»، التي تخصَّصت في صناعة الأسلحة النارية، والسيوف والشفرات. وحرصت الحكومة البريطانية على منح حقوق امتياز لاحتكار سوق الأسلحة للحد من انتشارها، نظراً لمعاناة البلاد من مشاكل الحرب الأهلية. وكانت هذه من بدايات اقتران الثروات الضخمة بصناعة الأسلحة.. ونعود إلى موضوع البلايين، فنجد أن صناعات الأسلحة في نعيم خلال هذه الأيام بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والأهم من ذلك أن مستقبل العالم بعد هذه الحرب سيشهد المزيد من الاهتمام بالتسليح لدرجات لم نشهدها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في النصف الثاني من القرن العشرين.

* أمنيــــــة:

أتمنى أن يكون تكوين الثروات في مجالات تنفع البشرية، فليس من المنطق أن يكون الضمير العالمي مكتوف الأيادي أمام التمادي في القتل والدمار، فهذا لا يرضى الله عز وجل، وهو من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!