ما أجمل التدافع في فضيلة التواضع

النَّاسُ صنْفَان: صنْفٌ أَصيلٌ يَمتَاز بالتَّوَاضُع والثَّبَات، مُستقرٌ عَلَى حَالِهِ، حَتَّى وإنْ وَصَل إلَى أَعلَى المَنَاصب، وأَرفَع المَراتِب؛ لأنَّه يَعلَم فِي قَرَارة نَفسه، أَنَّ كُرسيَّ الوَظيفَة يُشبه كُرسيَّ الحَلَّاق، ذَلك الذي تَجلس عَليه بَعض الوَقت، ثُمَّ تَرحل ويَجلس غَيرك عَليه..!

أمَّا الصنْف الثَّاني، فهو صنْفٌ خَفيفُ العَقْل، وخَفيفُ النَّفس، إذَا وَصل إلَى المَنصب، طَار فِي العجَّة، وأَصبَح لَا يُكلِّم النَّاس إلاَّ مِن وَرَاء حِجَاب، أَو يُكلِّمهم مِن طَرف مَنخريْه، وكَأنَّه رَجلٌ أُصيب بزُكَام لَا عِلَاج لَه.. إنَّ المَنصبَ جَعله يَنتَفخ مِثل الكُرَة، ومَع الزَّمن إذَا تَقَاعَد؛ أَصبَح مِثل الكُرَة «المنسِّمَة» التي لَا يَرغبهَا اللَّاعبون، ولَا يَطمح لشِرَائِها المُشتَرون..!


وأنَا أَقرَأ الكِتَاب المُمتع المُسمَّى: «صَفحاتٌ مِن مُذكِّرَات نَجيب مَحفوظ»، مِن إعدَاد الدّكتور «رَجَاء النقَّاش»، وجَدتُ هَذا النَّص، فقَبضتُ عَليه، كَمَا يَقبض رِجَالُ الأَمن عَلَى اللِّص، حَيثُ يَقول شَيخنا الأَديب الكَبير «نجيب محفوظ»: (بَعد حصُولي عَلَى جَائزة نُوبل، سَألني أَحدُهم: هَل ستَضع فِي حِسَابَاتك عِندَما تَكتُب بَعد ذَلك؛ القَارئ العَالَمي، الذي أَصبَح مُتَابِعًا لأَعمَالك، مِثل القَارئ المَحلِّي تَمَامًا؟ والحَقيقَة أَنَّ حِسَابَاتي لَم تَتغيَّر، لأنَّني كَاتِبٌ مُخلصٌ جِدًّا لِمَا يَدور فِي نَفسي، وعِندَما أَمسك القَلَم وأَبدَأ فِي الكِتَابة، لَا أَعبَأ بشَيءٍ، ولَا أُفكِّر فِي شَيءٍ، وأَنسَى كُلَّ الحِسَابَات، ولَا يهمّني سَوَى إرضَاء ذَاتي ومَزَاجي الشَّخصي، ثُمَّ إنَّني أَكتُب بلُغَةٍ مَحليَّةٍ، والعَالَم لَا يَقرَأ إلاَّ أَعمَالي التي يَختَارها، ويُترجمها عَلى مَسؤوليَّته، وأيًّا كَان الأَمر، ومَهمَا كَانت النَّتائج، فأنَا لَا أَخشَى المُوَاجَهَة)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!


بَقي القَول: أيُّها النَّاس، يَا أصحاب المراتب ، ويَا مَن أَصبتم شَيئًا مِن الشُّهرَة، تَواضعُوا، لأنَّ التَّكبُّر لَا يَأَتي إلاَّ الأَنفُس المَريضَة، وقَد نُسب للإمَام «علي بن أبي طالب» -كَرَّم الله وَجهه- أنَّه قَال: (مَا مِن رَجلٍ تَكبَّر أَو تَجبَّر، إلاَّ لذلَّة وَجدهَا فِي نَفسهِ)..!!

أخبار ذات صلة

لصوص (المساجد).!
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
;
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
;
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!
حديث القلب.. من ولي العهد
رؤية الحاضر للمستقبل
عام ثامن لرؤية مباركة
;
تعزيز منهج تعليم الخط العربي
الحُطيئة يهجو نادي النصر
الوعي.. السلاح الخفي!!
الكلمات قد ترسم المسارات..!