اصنعوا الفرح أو تصنّعوه!

· من بين مئات رسائل المعايدة التي أمطرت جوالي من الأقارب والزملاء والأصدقاء استوقفتني رسالة تقول: «العيد فرصة جميلة للفرح.. فلا تُضِعها.. استمتع بكل لحظاتك.. لا تؤجل الفرح ولا تؤخر السعادة، فالأيام التي تمضي لن تعود أبداً».

رسالة قصيرة لكنها مهمة وعميقة.. و لو كان هناك جائزة لأفضل رسالة معايدة لمنحتها لهذه الرسالة بلا تردد.. فكثير منا للأسف فقد فرحة العيد وبهجته، بل فقد البعض بهجة أيامهم كلها لأنهم لم يعرفوا كيف يصنعون الفواصل والحدود المناسبة بين حياتهم الخاصة، وبين ظروف الأعمال وتقلبات الحياة ومصاعبها.


· الرسالة ذكرتني بقصة معروفة لرجل أعمال أميركي ذهب الى إحدى القرى المكسيكية الوادعة، ولفت نظره جودة الأسماك وكرم الصيادين المَحليين وسعادتهم الظاهرة، فسألهم: كم من الوقت تحتاجون لاصطياد هذه الأسماك اللذيذة؟، فأجابوا :»ليس وقتاً طويلاً «.. فعاودهم بالسؤال بحكم عمله: ولماذا لا تقضون وقتاً أطول وتصطادون أكثر؟!، فاتفقوا في القول إن صيدهم القليل يكفي حاجتهم وحاجة عوائلهم!. لم يقتنع الرجل الاقتصادي بإجابتهم فسألهم مرة أخرى: وماذا تفعلون في بقية يومكم؟، أجابوا: ننام، نلعب مع أطفالنا، ونأكل مع عائلاتنا، وفي المَساء نزور أصدقاءنا.. باختصار نحن نفرح في بقية يومنا!!.. قال السائح مقاطعاً: حصلت على ماجستير من هارفارد في إدارة الأعمال، وبإمكاني إرشادكم، ولكن عليكم أن تبدأوا بالصيد لفترات أطول كل يوم، ومن ثم تبيعون السَّمك الإضافي بعائد أكبر، وتشترون قوارب صيد أكبر.. سألوه : ثم ماذا؟!، أجاب: مع زيادة الأموال سيصبح لديكم أساطيل ضخمة، وبدلاً من أن تبيعوا أسماككم لوسيط، سيكون لديكم مصانع خاصة بكم، وسيكون بإمكانكم مغادرة هذه القرية الصغيرة الى العاصمة، أو إلى نيويورك!.. سأله الصَّيادون: وكم من الوقت سنحتاج لتحقيق هذا؟، أجاب: من ٢٠ الى ٢٥ سنة!، فسألوه بابتسام: وماذا بعد ذلك؟ أجاب بزهو: ستصبحون رجال أعمال كباراً تملكون الملايين، وحينها يمكنكم أن تتقاعدوا من العمل الشاق، وتعيشوا بهدوء وسعادة في منتجع جميل بقرية على أحد السواحل.. تنامون إلى وقت متأخر، تلعبون مع أطفالكم وتأكلون مع عائلاتكم وتقضون الليالي في الفرح والسعادة مع الأصدقاء!.. أجاب الصيادون بشيء من الاستغراب والسخرية: ولكن هذا بالضبط ما نفعله الآن، فلماذا نضيع خمسة وعشرين عاماً من أعمارنا في التعب والشقاء؟!.

· طنين الحياة المزعج هو أكبر مهددات الفرح في نفوسنا.. أجزاء كثيرة من سعادتنا تضيع بين قلق على المستقبل لا مبرر له، أو اجترار غير مُجدٍ لآلام الماضي!. الفرح فرصة كما قال صديقي في رسالته، فاغتنمها ولا تضيعها أو تؤجلها.. أدوات السعادة بسيطة جداً ومتوفرة بين أيدينا، المهم أن نعرف كيف نتعامل معها، وكيف نشعل بها مصابيح الفرح في نفوسنا ونفوس المحيطين بنا.


· إظهار الفرح في العيد شعيرة من شعائر الله التي يجب تعظيمها؛ وتعبُّد الله بها.. اعبدوا الله بصناعة الفرح لكم ولأبنائكم، فإن لم تستطيعوا فتصنّعوه على الأقل.

أخبار ذات صلة

أمير الشرقية يلتقي الكُتّاب
فيضٌ عاطر من صيد الخاطر
رصـــــــاص
متى تتوفَّر مصادر التمويل؟!
;
إسرائيل: كلب مجنون بدون أسنان
عسير.. أيقونة المصايف وعروس السياحة
الذهب الوردي السائل في المملكة
شارع سلطانة!!
;
الطبيب (سعودي).!
حين تغيب الرقابة ٣ مرَّات..!!
العالم المصري (مشرفة).. اينشتاين العرب!!
الأخلاقُ.. كائنٌ حيٌّ!
;
500 مليون دولار.. للقضاء على مرض شلل الأطفال
القصيدة الوطنية.. بدر بن عبدالمحسن
محمد بن سلمان.. القائد الاستثنائي ومنجزات وطن
الربيعة.. وشفافية الوزارة