كتاب

مدير غيور جداً !

يروي أحد الأصدقاء كيف أن حظه السيئ أوقعه في بداية حياته الوظيفية تحت إدارة شخص (غيور جداً)، تسبَّب له في إحباط مُبكّر كاد أن يدفعه لترك العمل قبل أن يبدأ!. يقول: كنت شاباً ممتلئاً بالحماس والرغبة في العمل، وكنت الوحيد تقريباً الذي يملأ الاجتماعات بالأفكار والمشاركات.. لم أكن أعرف لماذا كان الجميع يلزمون الصمت، لكن سعادته كان يقابل أفكاري واقتراحاتي ونشاطي بالاستهزاء والرفض والسخرية، مما تسبَّب في إصابتي باكتئاب وإحباط، تفاقم مع الوقت حتى فكَّرت في الاستقالة، إلى أن نبَّهني أحد الزملاء ذات يوم إلى أن سعادة المدير من النوع الغيور، وأن نشاطي يُخيفه ويُشعل غيرته في آنٍ معاً، فانضممتُ من يومها مُجبَراً إلى حزب الصامتين الخاملين!.

الغيرة من أسوأ الصفات في الإداري أو المسؤول، وأخطرها على بيئات العمل، لا أقصد هنا الغيرة المحمودة التي تدفع للتنافس الشريف، وللمزيد من العطاء والإنتاجية، بل أعني نقيضتها الحاسدة والعمياء، التي لا تؤدي إلا للتعطيل والاغتيال الوظيفي، وتدمير المنظمة قبل الكوادر العاملة بها.. ولعل أبرز علامات إصابة مسؤول بهذا الداء، هو محاربته للناجحين والموهوبين، كما حدث مع صاحبنا، فبدلاً من دعم الإبداع وتشجيع المبدعين، تجده يحاول تهميشهم وإزاحتهم خوفاً من منافستهم له، أو خطفهم للأضواء. الأمر الذي يتسبَّب حتماً في انخفاض الروح المعنوية عند جميع العاملين، وإصابة المنظمة بالإحباط، والخشية من تحقيق الإنجازات!.


ونظراً لأن المجتمعات الوظيفية ليست مجتمعات ملائكية، فإن وجود هذا النوع السام من الإداريين أمر ممكن الحدوث، لذلك من المهم معرفة كيف تتعامل معهم، فالمدير الغيور (مريض نفسي)، وأفضل وصفة للتعامل معه هي: إشباع حاجته النرجسية للظهور والبروز والبقاء بإظهار أفكارك على أنها وليدة توجيهاته، مع ملاحظة عدم الاصطدام به أو المجاهرة بعدائه، وإشعاره دائماً بأنك عون له ولست في تنافس معه، فمن سمات هذا النوع أن قرارته لا تقوم على منطق، بل قرارات عاطفية في معظمها، لأن غريزة البقاء هي ما تُحرِّكه وليس العقل ولا حتى المصلحة.

من المعروف في عوالم الإدارة أن المدير المباشر هو العامل الأهم في تحفيز الموظف وتطويره، أو في إحباطه وتعطيله نفسياً وعملياً، فإن كان واثقاً؛ ذكياً متفهماً لأدواره القيادية لن ينزعج أبداً من تألق مرؤوسيه، بل سيسعد بإنجازاتهم ويُجيّرها لصالح المنظمة، ولصالحه هو شخصياً، لأنه يُدرك بطبيعته القيادية أن الموظف المتميز لا يُشكِّل تهديداً له، بقدر ما يُمثِّل فرصة لنجاحه.. وبالمثل فإن خسارة موظف ممتلئ بالحماس والشغف تعني خسارة فرصة لتحقيق إنجاز.. وأن استمرار توهّجه مرهون بوجود أكبر كم من الأذكياء والموهوبين من حوله.


بقي أن نهمس في أذن كل مدير، بأن العدل والاحترام هما عمودا الرضا، وسر بيئات العمل الناجحة، فالموظف يستطيع الصبر على مشقة العمل، وقلة المقابل المادي؛ إن كان يعمل مع مدير يُعامله بعدل، ويُقدِّر أفكاره ويحترمها.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!