كتاب

الإبداع في الاحتفاليات الوطنية

قبل أيام، كنتُ أتسوق مع حفيدتي لشراء الملابس التي سترتديها في احتفالية المدرسة بيوم التأسيس، كنتُ سعيدة جداً، ظننتُ أن تلك الاحتفالية خاصة بالمدرسة التي تدرس بها حفيداتي وأحفادي، وهي مدرسة متميزة ومبدعة في كل التفاصيل التعليمية والاحتفالية، وأنا على ثقة بأن احتفاليتها ستكون معرفية، مختلفة ومبدعة.

فوجئتُ في الأماكن التي كُنَّا نبحث فيها عن أزياء المنطقة التي اختارتها حفيدتي، بكمٍّ المتسوقات من النساء والصغيرات من كل الأعمار، يسألون عن زي ذات المنطقة، اكتشفتُ أنه الزي الوحيد المتوفر بكميات كبيرة، صناعة صينية رديئة، مع ذلك سعره لم يكن ليُناسب الخامة المصنَّع منها والخياطة المتواضعة.


السعر -كما يقول الاقتصاديون- يخضع للعرض والطلب، هذا هو المبرر لرفع أسعار المنتج مهما كان رديئا، كما فهمت، مرة أخرى نمارس الأخطاء القديمة التي وقعت فيها المدارس سابقا للاحتفال باليوم الوطني، وإرهاق الأسر بالطلبات الموحدة -للأسف- كان يطلب من الجميع؛ الأعلام، وارتداء اللون الأخضر بعلم أو خريطة المملكة، ثم أصبحت تلك المتطلبات تجارة رابحة للتجار، ومتطلبات مرهقة للأسر دون أي مردود تاريخي أو ثقافي.

تتكرر نفس الأخطاء في يوم التأسيس المجيد، أصبحت عروض الأزياء هي الأبرز، أو أنها احتفالية عامة، كما أن تمثيل إحدى مناطق المملكة هو الأعم والأشمل لتوفر أزيائه بشكل يعتبر في مقدور الجميع، رغم مغالاة السعر نسبةً إلى تدني الجودة، إلا أنه الأرخص والأسهل.


هذه الاحتفاليات بيوم التأسيس المجيد عادت لتكون مظهراً خاوياً من الفكر وقصص الكفاح؛ التي خاضها حكام آل سعود العظماء، منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى يومنا هذا، وأصبح استعراض أزياء كل منطقة هو الاحتفالية الوحيدة التي تستقطع وقت وجهد الطالبات وذويهم للبحث عن الزي المناسب، أو التي ترغب في ارتدائه الطالبة.

يوم 22 فبراير هو اليوم المحدد للاحتفال بيوم التأسيس، هذا اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية، هو دعوة للتمعُّن والتفكُّر في تلك الجهود التي كافحت لتأسيس دولة موحدة، تقضي على الفقر والجهل والمرض، بحكمة وعزيمة حُكَّامها منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ- 1727م.

ذكرتُ في مقالة الأسبوع الماضي سبب إطلاق لقب إمام على حكام الدولة السعودية الأولى. لكن أعود إلى لب القضية، وهو الاستنساخ والتكرار المرهق لاحتفاليتي «يوم التأسيس واليوم الوطني»، باستعراض أزياء مناطق المملكة، أو باللون الأخضر والأعلام والصور، حتى تحوَّل هذان اليومان إلى مظاهر خالية من الإبداع، مكرَّرة ومرهقة، بينما يمكن أن تبدع كل مدرسة في طريقة سرد تاريخ البطولة والعزيمة والتحدي التي شكَّلت ملامح هذين اليومين.

يوم التأسيس هو إبراز لحجم الجهد والتضحيات التي بُذلت في سبيل توحيد الجزيرة العربية، وترسيخ الأمن والاستقرار بين شعبها، شمالا وجنوبا شرقا وغرباً ووسطا، حتى أصبحت ضمن خارطة المملكة العربية السعودية.

ربما ظهور الأنماط الثقافية التي تُميِّز كل منطقة ضمن منشورات يوم التأسيس أوحى لبعض منظمي ومنظمات الاحتفاليات بيوم التأسيس أن المطلوب هو التركيز على الأزياء كل عام في احتفاليات يوم التأسيس، وهذا ربما خطأ انطلاقة أولى الاحتفاليات إعلامياً، حيث تم التركيز على أزياء السيدات الحاضرات للاحتفال، فالتقطته الذهنيات التعليمية للأسف ليصبح هذا هو الاحتفال السنوي.

لا أُقلِّل من أهمية الأزياء واستعراضها، لكن هناك أنماط ثقافية أخرى يمكن إبرازها أو جزءاً منها كل عام، لتستكمل كافة الملامح الوطنية في وعي الأجيال المختلفة، كذلك المعرفة التاريخية لبداية حكم أسرة آل سعود، ليتراكم تاريخ الوطن في وجدان الطالب، ويمتلئ به عقلا وقلبا ووعيا.

فالمعرفة هي الطريق إلى الوعي.

أخبار ذات صلة

قبسات من رأس المال الاجتماعي.. والأسوة الحسنة
المملكة تعيد رسم خريطة التكامل الاقتصادي مع العراق
تعرَّف على نفسك !!
إيجاري.. والحاجة للتطوير
;
معكوســــــــة
الحوكمة في الأزمات
الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها
لصوص (المساجد).!
;
سلالة النبيِّ هارون..!!
أنا ونحنُ.. وآخرون
تناقص معدلات الإنجاب حول العالم!
المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية
;
رؤية السعودية.. رحلة تنموية ومستهدفات فائقة الجودة
الجامعات السعودية وتقرير رؤية 2030
المخالفات المرورية.. ومحدودو الدخل
«فيوز القلب» بعد صلاة الفجر..!!