الواسطة لتطبيق النظام

تشكلت الصورة الذهنية في مجتمعنا عن (الواسطة) فأصبحت متغلغلة وبأشكال مختلفة حتى وصلت إلى مستوى جعل الكثير منا يؤمن بأن لا سبيل لإنجاز أي أمر مهما كان بسيطاً وسهلاً وفي متناول اليد إلا عن طريق (الواسطة)، كما ساهمت تلك الصورة الذهنية في انتشار بعض أنواع الفساد في بعض الجهات حتى أصبح البعض يمتهن (الواسطة) عبر تكوين العلاقات والصلات والروابط والمعارف في العديد من الجهات المختلفة، فأصبحت تلك المهنة والتي أطلق عليها مسميات مختلفة تدر دخلاً مميزاً أفضل من بعض المهن التي يملك أصحابها شهادات علمية عليا.

البعض أصبح قبل أن يفكر في تقديم معاملة إلى جهة ما أو حتى التقدم بطلب شراء إلى شركة معينة، لا يسأل عن عنوان تلك الجهة أو أوقات العمل أو سمعتها بل يسأل من حوله إن كانوا يعرفون أي شخص في تلك الجهة لمساعدته في تقديم الطلب وإن كان الطلب طبيعياً ورسمياً ولا يوجد فيه أي استثناء أو تجاوز؟ ولكنه مع ذلك يبذل جهداً في سؤال أقاربه وأصدقائه إن كانوا يعرفون أي فرد في تلك الجهة.

(الواسطة) للأسف أصبحت جزءاً رئيسياً من ثقافة المجتمع وساهمت من جانب آخر في المساومة على بعض الأنظمة الموجودة والمعمول بها وذلك من أجل تحقيق المصالح الفردية حتى وصل البعض أثناء تقديمه لبعض المعاملات أو حتى طلبات شراء لبعض الشركات إلى مستوى أنه يبحث عن (الواسطة) من أجل فقط تطبيق النظام الموجود والمعلن عنه والمعتمد في اللوائح والقوانين ولكن قد يحتاج إلى (واسطة) ليتم تطبيقه.

مع رؤية المملكة 2030 نعيش اليوم عصراً ذهبياً متميزاً انطلقت من خلاله العديد من البرامج المتطورة وفي مقدمتها (برنامج التحول الوطني) والذي واكبه نقلة نوعية في تطوير الأنظمة والقوانين بالتزامن مع حملة مكافحة الفساد بكل أشكاله وألوانه إضافة إلى التعاملات الإلكترونية والتي تبنّتها العديد من الجهات الحكومية اليوم لتساهم بشكل كبير في القضاء على تلك الصورة الذهنية عن الواسطة في مجتمعنا بكافة أشكالها.